سُلَّم الْوُصُولِ إِلَى عِلْمِ الْأُصُولِ
فِي تَوْحِيدِ اللَّهِ وَاتِّبَاعِ الرَّسُولِ ﷺ

لِلشَّيخِ حَافظِ بنِ أحْمَدَ الحَكَمِيِّ رَحِمَهُ اللهُ

[افتتاح]

# ١
أَبدأُ باسمِ اللهِ مُستعينَا
راضٍ به مُدبرًا مُعِينَا
# ٢
والحمدُ لله كما هَدانا
إلى سبيلِ الحقِّ واجتبانا
# ٣
أحمدُه سُبحانَه وأشكُرُهْ
ومِن مَساوي عملي أستغفِرُهْ
# ٤
وأستعينُه على نَيْلِ الرِّضَا
وأستَمِدُّ لُطفَه فيما قَضَى
# ٥
وبعدُ إني باليقينِ أشهدُ
شهادةَ الإخلاصِ ألا يُعبَدُ
# ٦
بالحق مألوهٌ سوى الرحمنِ
مَنْ جَلَّ عن عيبٍ وعن نُقصانِ
# ٧
وأنَّ خيرَ خلقِه محمدَا
مَن جاءَنا بالبيناتِ والهُدى
# ٨
رسولُه إلى جميعِ الخلقِ
بالنور والهدى ودين الحقِ
# ٩
صلَّى عليه ربُّنا ومَجَّدَا
والآلِ والصَّحْبِ دَوامًا سَرْمدَا
# ١٠
وبعدُ هذا النظمُ في الأصولِ
لِمَن أراد منهجَ الرسولِ
# ١١
سَأَلَنِي إياهُ مَن لا بُدَّ لي
مِنِ امتثالِ سُؤله المُمتثَلِ
# ١٢
فقلتُ معْ عجزي ومعْ إشفاقي
مُعتمِدًا على القديرِ الباقي

مقدمة

تعرف العبد بما خلق له، وبأول ما فرض الله تعالى عليه، وبما أخذ الله عليه به الميثاق في ظهر أبيه آدم عليه السلام، وبما هو صائر إليه
# ١٣
اعلَمْ بأنَّ اللهَ جَلَّ وعَلا
لم يَترُكِ الخلقَ سُدًى وهَمَلا
# ١٤
بلْ خَلَقَ الخلقَ ليَعبُدوه
وبالإلهيةِ يُفْرِدوه
# ١٥
أخرجَ فيما قدْ مَضَى مِنْ ظَهْرِ
آدَمَ ذريتَه كالذَّرِّ
# ١٦
وأخذَ العهدَ عليهم أنهُ
لا ربَّ معبودٌ بحق غيرَهُ
# ١٧
وبعدَ هذا رُسْلَهُ قدْ أرسلا
لَهُمْ وبالحقِّ الكتابَ أنزلاَ
# ١٨
لِكَيْ بذا العهدِ يُذكّروهُمْ
ويُنذِرُوهمْ ويُبشّروهمْ
# ١٩
كي لا يكونَ حُجةٌ للناسِ بَلْ
لله أعلى حجةٍ عزَّ وجَلْ
# ٢٠
فمَن يُصدقْهم بلا شِقاقِ
فقدْ وَفَى بذلكَ المِيثاقِ
# ٢١
وذاكَ ناجٍ مِن عذابِ النار
وذلكَ الوارثُ عُقبَى الدارِ
# ٢٢
ومَن بِهِمْ وبالكتابِ كَذَّبَا
ولازَمَ الإعراضَ عنه والإِبَا
# ٢٣
فذاكَ ناقضٌ كِلا العَهدَينِ
مُستوجِبٌ للخِزْيِ في الدارَيْنِ

فصل

في كون التوحيد ينقسم إلى نوعين وبيان النوع الأول وهو توحيد المعرفة والإثبات
# ٢٤
أولُ واجبٍ على العبيدِ
مَعرِفةُ الرحمنِ بالتوحيدِ
# ٢٥
إذْ هُوَ مِن كلِّ الأوامرَ ٱعْظمُ
وهُو نوعانِ أَيَا مَنْ يَفْهَمُ
# ٢٦
إثباتُ ذاتِ الربِّ جلَّ وعَلاَ
أسمائِهِ الحسنى صِفاتِه العُلَى
# ٢٧
وأنه الربُّ الجليلُ الأكبرُ
الخالقُ البارئُ والمصوِّرُ
# ٢٨
باري البرايا مُنشئ الخلائق
مُبدِعُهم بلا مثالٍ سابق
# ٢٩
الأولُ المُبدِي بلا ابتداءِ
الآخِرُ الباقي بلا انتهاءِ
# ٣٠
الأحَدُ الفَرْدُ القديرُ الأزلِي
الصَّمَدُ البَرُّ المُهيمِنُ العَلِي
# ٣١
علوَّ قَهْرٍ وعلوَّ الشانِ
جَلَّ عَنِ الأضدادِ والأعوانِ
# ٣٢
كذا له العلوُّ والفَوْقيةْ
على عِبادِه بلا كَيْفِيةْ
# ٣٣
ومعَ ذا مُطَّلِعٌ إليهمُ
بِعلمِه مُهيمنٌ عليهمُ
# ٣٤
وذكرُه للقُربِ والمعيةْ
لم يَنفِ للعلوِّ والفوقيةْ
# ٣٥
فإنه العليُّ في دُنُوه
وهْو القريبُ جَلَّ في عُلُوه
# ٣٦
حيٌّ وقيومٌ فلا ينامُ
وجَلَّ أن يُشبِهَه الأنامُ
# ٣٧
لا تبلُغُ الأوهامُ كُنْهَ ذاتِهِْ
ولا يُكيِّفُ الحِجا صفاتِهِْ
# ٣٨
باقٍ فلا يَفنَى ولا يَبِيدُ
ولا يكونُ غيرُ ما يُريدُ
# ٣٩
مُنفرِدٌ بالخلقِ والإرادةْ
وحاكمٌ جَلَّ بِما أرادَهْ
# ٤٠
فمَنْ يَشَأْ وفَّقه بفَضلِهِْ
ومَن يَشأْ أضلَّه بعَدْلِهِْ
# ٤١
فمِنهُمُ الشقيُّ والسعيدُ
وذا مُقرَّبٌ وذا طريدُ
# ٤٢
لِحكمةٍ بالغةٍ قضاها
يَستوجِبُ الحمدَ على اقتِضاها
# ٤٣
وَهْوَ الذي يَرَى دَبِيبَ الذَّرِّ
في الظُّلُماتِ فَوقَ صُمِّ الصَّخْرِ
# ٤٤
وسامِعٌ للجَهْرِ والإخفاتِ
بسَمعِه الواسعِ للأصواتِ
# ٤٥
وعِلمُه بِما بَدا وما خَفِي
أحاط عِلمًا بالجَليِّ والخَفِي
# ٤٦
وَهْو الغَنِي بذاتِه سُبحانَهُ
جَلَّ ثناؤه تعالى شانُهُ
# ٤٧
وكلُّ شيءٍ رِزقُه عليهِ
وكلُّنا مُفتقِرٌ إليهِ
# ٤٨
كلَّمَ موسى عبدَه تكليمَا
ولم يزَلْ بخلقِه عَلِيمَا
# ٤٩
كلامُه جَلَّ عنِ الإحصاءِ
والحَصْرِ والنَّفادِ والفناءِ
# ٥٠
لو صار أقلامًا جميعُ الشجَرِ
والبحرُ يُلقى فيه سبعُ أبْحُرِ
# ٥١
والخلقُ تكتُبْهُ بكل آنِ
فَنَتْ وليس القولُ منه فانِ
# ٥٢
والقولُ في كتابِه المُفَصَّلْ
بأنه كلامُه المُنَزَّلْ
# ٥٣
على الرسولِ المصطفى خيرِ الورَى
ليس بمخلوقٍ ولا بِمُفترى
# ٥٤
يُحفَظُ بالقَلْبِ وباللسانِ
يُتلى كما يُسمَعُ بالآذانِ
# ٥٥
كذا بالاَبصارِ إليه يُنظَرُ
وبالأيادي خطُّه يُسطَّر
# ٥٦
وكلُّ ذي مخلوقةٌ حَقِيقةْ
دُونَ كَلامِ بارِئِ الخليقةْ
# ٥٧
جَلَّتْ صِفاتُ ربِّنا الرحمنِ
عنْ وصفِها بالخلقِ والحِدْثانِ
# ٥٨
فالصَّوتُ والأَلْحَانُ صوتُ القاري
لكنَّما المتلوُّ قولُ الباري
# ٥٩
ما قاله لا يَقبَلُ التَّبْديلا
كلاَّ ولا أصدقُ منه قِيلاَ
# ٦٠
وقَد رَوى الثقاتُ عَن خيرِ المَلا
بأنه عزَّ وجَلَّ وعَلا
# ٦١
في ثُلُثِ الليلِ الأخيرِ يَنزِلُ
يقولُ هل مِن تائبٍ فيُقبِلُ
# ٦٢
هل مِن مُسيءٍ طالبٍ للمغفرةْ
يَجِدْ كريمًا قابلًا للمعذرةْ
# ٦٣
يَمُنُّ بالخيراتِ والفضائلْ
ويستُر العيبَ ويُعطي السائلْ
# ٦٤
وأنه يجيءُ يومَ الفَصْلِ
كما يَشاءُ للقضاء العدلِ
# ٦٥
وأنه يُرَى بلا إنكارِ
في جنةِ الفِردوسِ بالأبصارِ
# ٦٦
كلٌ يَراه رؤيةَ العِيانِ
كما أتى في مُحكَم القرآنِ
# ٦٧
وفي حديثِ سيدِ الأنامِ
مِن غيرِ ما شكٍ ولا إبهامِ
# ٦٨
رُؤيةَ حقٍ ليس يَمْتَرُونَها
كالشمسِ صَحْوًا لا سحابَ دُونَها
# ٦٩
وخُص بالرؤية أولياؤه
فضيلةً وحُجِبوا أعداؤه
# ٧٠
وكلُّ ما له مِنَ الصفاتِ
أثبتَها في مُحكمِ الآياتِ
# ٧١
أو صحَّ فيما قاله الرسولُ
فحقُّه التسليمُ والقبولُ
# ٧٢
نُمِرُّها صريحةً كما أتتْ
معَ اعتقادِنا لِما له اقتضَتْ
# ٧٣
من غير تَحْريفٍ ولا تعطيلِ
وغيرِ تكيِيف ولا تمثيلِ
# ٧٤
بل قولُنا قولُ أئمةِ الهدى
طُوبَى لِمَنْ بِهَدْيِهم قدِ اهتدى
# ٧٥
وسَمِّ ذا النوعَ مِنَ التوحيد
توحيدَ إثباتٍ بلا تَرديدِ
# ٧٦
قد أفصحَ الوحيُ المُبِينُ عنهُ
فالتَمِسِ الهُدَى المنيرَ منهُ
# ٧٧
لا تَتّبِعْ أقوالَ كلِّ ماردِ
غاوٍ مُضلٍ مارقٍ معاندِ
# ٧٨
فليسَ بَعدَ ردِّ ذا التِبيانِ
مِثقالُ ذرةٍ من الإيمانِ

فصل

في بيان النوع الثاني وهو توحيد الطلب والقصد، وهو معنى «لا إله إلا الله»
# ٧٩
هذا وثاني نَوعَيِ التوحيدِ
إفرادُ ربِّ العرشِ عن نَديدِ
# ٨٠
أن تعبدَ الله إلهًا واحدَا
مُعترفًا بحقِه لا جاحدَا
# ٨١
وهْو الذي به الإلهُ أرسلا
رُسْلَهُ يدعون إليه أوّلا
# ٨٢
وأنزل الكتابَ والتِبيانَا
مِن أجلِه وفرَقَ الفُرقانَا
# ٨٣
وكلَّفَ اللهُ الرسولَ المُجتبَى
قِتالَ مَن عنه تولَّى وأبى
# ٨٤
حتى يكونَ الدينُ خالصًا لَهُ
سرًا وجهرًا دقَّه وجلَّهُ
# ٨٥
وهكذا أمتُه قد كُلفوا
بذا وفي نَصِّ الكتاب وُصِفوا
# ٨٦
وقد حَوَته لفظةُ الشهادةْ
فهْيَ سبيلُ الفوز والسعادةْ
# ٨٧
مَن قالها معتقِدًا معناها
وكان عاملا بمقتضاها
# ٨٨
في القول والفعل ومات مؤمنَا
يُبعثُ يومَ الحشرِ ناجٍ آمنَا
# ٨٩
فإنَّ معناها الذي عليهِ
دلَّتْ يقينًا وهَدَتْ إليهِ
# ٩٠
أنْ ليس بالحق إلهٌ يُعبدُ
إلا الإلهُ الواحدُ المنفردُ
# ٩١
بالخلقِ والرزق وبالتدبيرِ
جَلَّ عن الشريك والنظيرِ
# ٩٢
وبشروطٍ سبعةٍ قد قُيدتْ
وفي نصوص الوحي حقًّا وَرَدتْ
# ٩٣
فإنه لم ينتفِعْ قائلُها
بالنطق إلا حيثُ يستكملُها
# ٩٤
العلمُ واليقينُ والقبولُ
والانقيادُ فادرِ ما أقولُ
# ٩٥
والصدقُ والإخلاصُ والمحبةْ
وفقك الله لما أحبهْ

فصل

في تعريف العبادة وذكر بعض أنواعها، وأن من صرف منها شيئًا لغير الله فقد أشرك
# ٩٦
ثم العبادةُ هِيَ اسمٌ جامعُ
لكل ما يَرضَى الإلهُ السامعُ
# ٩٧
وفي الحديث مُخُّها الدعاءُ
خوفٌ توكلٌ كذا الرجاءُ
# ٩٨
ورغبةٌ ورهبةٌ خشوعُ
وخشيةٌ إنابةٌ خضوعُ
# ٩٩
والاستعاذةُ والاستعانَةْ
كذا استغاثةٌ به سبحانَهْ
# ١٠٠
والذبحُ والنذرُ وغيرُ ذلكْ
فافهَمْ هُدِيتَ أوضحَ المسالِكْ
# ١٠١
وصرفُ بعضِها لغيرِ اللهِ
شركٌ وذاك أقبحُ المناهي

فصل

في بيان ضد التوحيد وهو الشرك، وأنه ينقسم إلى قسمين: أصغر وأكبر، وبيان كل منهما
# ١٠٢
والشركُ نوعانِ فشركٌ أكبرُ
به خلودُ النارِ إذ لا يُغفَرُ
# ١٠٣
وهْوَ اتخاذُ العبدِ غيرَ اللهِ
نِدًّا به مُسوِّيًا مُضاهي
# ١٠٤
يَقصِدُه عند نزولِ الضُّرِّ
لجلبِ خيرٍ أو لدفعِ الشَرِّ
# ١٠٥
أو عندَ أي غرَضٍ لا يَقدِرُ
عليه إلا المالكُ المقتَدِرُ
# ١٠٦
معْ جَعْله لذلك المدعُوِّ
أوِ المعظَّمِ أوِ المرجُوِّ
# ١٠٧
في الغيبِ سلطانًا به يَطَّلِعُ
على ضميرِ مَن إليه يَفزَعُ
# ١٠٨
والثانِ شِركٌ أصغرٌ وهو الرِّيَا
فسَّره به خِتامُ الأنبِيَا
# ١٠٩
ومِنه إقسامٌ بغيرِ الباري
كما أتى في مُحكمِ الأخبارِ

فصل

في بيان أمور يفعلها العامة منها ما هو شرك ومنها ما هو قريب منه، وبيان حكم الرقى والتمائم
# ١١٠
ومَن يَثِقْ بوَدْعةٍ أو نابِ
أو حَلْقة أو أعيُنِ الذئابِ
# ١١١
أوْ خيطٍ اوْ عُضوٍ من النسورِ
أوْ وَتَر أوْ تربةِ القبورِ
# ١١٢
لأيِّ أمرٍ كائنٍ تعلَّقَهْ
وَكَلَهُ اللهُ إلى ما عَلَّقَهْ
# ١١٣
ثم الرُّقَى مِنْ حُمَةٍ أو عينِ
فإن تكُنْ مِن خالصِ الوحيينِ
# ١١٤
فذاك مِن هَدْي النَّبِيْ وشِرْعتِهْ
وذاك لا اختلافَ في سنيتِهْ
# ١١٥
أما الرُّقَى المجهولةُ المعاني
فذاكَ وَِسْواسٌ من الشيطان
# ١١٦
وفيه قد جاء الحديثُ أنَّهْ
شِركٌ بِلا مِرْيةَ فاحذرَنَّهْ
# ١١٧
إذ كلُّ مَن يقولُه لا يدري
لعله يكونُ محضَ الكُفرِ
# ١١٨
أو هُوَ مِن سحرِ اليهودِ مُقتَبَسْ
على العوامِ لبَّسُوه فالتَبَسْ
# ١١٩
فحَذَرًا ثم حَذارِ منهُ
لا تعرفِ الحقَّ وتنأى عنهُ
# ١٢٠
وفي التمائمِ المعلَّقاتِ
إن تكُ آياتٍ مُبيِّناتِ
# ١٢١
فالاختلافُ واقعٌ بينَ السلَفْ
فبعضُهم أجازها والبعضُ كَفْ
# ١٢٢
وإن تكُنْ مِما سِوى الوحيينِ
فإنها شركٌ بغيرِ مَينِ
# ١٢٣
بل إنها قَسِيمةُ الأزلامِ
في البعد عن سِيمَا أولي الإسلامِ

فصل

من الشرك فعلُ مَن يَتبرك بشجرة أو حجر أو بقعة أو قبر أو نحوها، يتخذ ذلك المكان عيدًا، وبيان أن الزيارة تنقسم إلى: سنية، وبدعية، وشركية
# ١٢٤
هذا ومِن أعمالِ أهلِ الشركِ
مِن غيرِ ما تَردُّدٍ أو شكِّ
# ١٢٥
ما يَقصِدُ الجُهَّالُ مِن تعظيمِ ما
لم يأذنِ اللهُ بأن يُعظَّمَا
# ١٢٦
كمَن يلُذْ ببقعةٍ أو حَجَرِ
أو قبرِ مَيْتٍ أو ببعضِ الشجَرِ
# ١٢٧
مُتخِذًا لذلكَ المكانِ
عيدًا كفعلِ عابدي الأوثانِ
# ١٢٨
ثم الزيارةُ على أقسامِ
ثلاثةٍ يا أمةَ الإسلامِ
# ١٢٩
فإنْ نوى الزائرُ فيما أضمرَهْ
في نفسِه تذكِرةً بالآخرَةْ
# ١٣٠
ثم الدُّعا له وللأمواتِ
بالعفوِ والصفحِ عنِ الزلاتِ
# ١٣١
ولم يكُنْ شَدَّ الرحالَ نحوَها
ولم يقُلْ هُجْرًا كقولِ السُّفَهَا
# ١٣٢
فتِلك سنةٌ أتَتْ صريحَةْ
في السننِ المثبتَةِ الصحيحَةْ
# ١٣٣
أو قَصَدَ الدعاءَ والتوسُّلا
بهم إلى الرحمنِ جل وعلا
# ١٣٤
فبدعةٌ محدثةٌ ضلالَةْ
بعيدةٌ عن هَدْيِ ذي الرسالةْ
# ١٣٥
وإن دعا المقبورَ نفسَه فقدْ
أشركَ بالله العظيمِ وجَحَدْ
# ١٣٦
لن يَقبلَ اللهُ تعالى منْهُ
صرفًا ولا عدلا فيعفوْ عنْهُ
# ١٣٧
إذ كلُّ ذنبٍ موشكُ الغفرانِ
إلا اتخاذَ الندِّ للرحمنِ

فصل

في بيان ما وقع فيه العامة اليوم، وما يفعلونه عند القبور، وما يرتكبونه من الشرك الصريح والغلو المفرط في الأموات
# ١٣٨
ومَن على القبرِ سِراجًا أوقدَا
أوِ ابتَنَى على الضريحِ مسجِدَا
# ١٣٩
فإنه مُجدِّدٌ جِهارَا
لسَُنَنِ اليهودِ والنصارى
# ١٤٠
كَم حذَّرَ المختارُ عن ذا ولَعَنْ
فاعِلَهُ كما روَى أهلُ السننْ
# ١٤١
بل قد نهى عنِ ارتفاعِ القبرِ
وأن يُزاد فيه فوقَ الشبرِ
# ١٤٢
وكلُّ قبرٍ مُشرِفٍ فقد أمَرْ
بأن يُسوَّى هكذا صحَّ الخَبَرْ
# ١٤٣
وحذَّرَ الأمةَ عن إطرائِهِْ
فغرَّهم إبليسُ باسْتِجْرائِهِْ
# ١٤٤
فخالفوه جَهرةً وارتكبوا
ما قد نهى عنه ولم يجتنبوا
# ١٤٥
فانظر إليهم قد غَلَوا وزادوا
ورفعوا بناءَها وشادوا
# ١٤٦
بالشِّيدِ والآجُرِّ والأحجارِ
لا سيما في هذه الأعصارِ
# ١٤٧
وللقناديلِ عليها أوقدوا
وكم لواءٍ فوقَها قد عقدوا
# ١٤٨
ونصبوا الأعلامَ والراياتِ
وافتَتَنوا بالأعظُمِ الرُّفاتِ
# ١٤٩
بل نحَروا في سُوحِها النحائِرْ
فِعْلَ أولي التَّسْيِيبِ والبحائِرْ
# ١٥٠
والتمسوا الحاجاتِ مِن موتاهُمُْ
واتخذوا إلَهَهُم هواهُمُْ
# ١٥١
قد صادَهم إبليسُ في فِخاخِهِْ
بل بعضُهم قد صار مِن أفراخِهِْ
# ١٥٢
يدعو إلى عبادةِ الأوثانِ
بالمالِ والنفس وباللسانِ
# ١٥٣
فليتَ شِعري مَن أباحَ ذلكْ
وأورَطَ الأمةَ في المهالِكْ
# ١٥٤
فيا شديدَ الطَّوْلِ والإنعامِ
إليك نشكو مِحنةَ الإسلامِ

فصل

في بيان حقيقة السحر وحد الساحر، وأن منه علمَ التنجيم، وذكر عقوبة من صدَّق كاهنًا
# ١٥٥
والسِّحْرُ حقٌ وله تأثيرُ
لكن بما قدّره القديرُ
# ١٥٦
أعني بذا التقديرِ ما قد قدَّرَهْ
في الكونِ لا في الشِرعةِ المطهرَةْ
# ١٥٧
واحكُمْ على الساحرِ بالتكفيرِ
وحدُه القتلُ بلا نكيرِ
# ١٥٨
كما أتى في السنة المصرَّحَةْ
مما رواه الترمذيْ وصححَهْ
# ١٥٩
عن جُندَبٍ وهكذا في أثَرِ
أمرٌ بقتلِهم رُوِيْ عَن عُمَرِ
# ١٦٠
وصحَّ عنْ حفصةَ عند مالِكِْ
ما فيه أقوى مُرشدٍ للسالِكِْ
# ١٦١
هذا ومن أنواعِهِ وشُعَبِهْ
عِلمُ النجومِ فادْرِ هذا وانتَبِهْ
# ١٦٢
وحَلُّهُ بالوَحْيِ نصًّا يُشرَعُ
أما بسحرٍ مثلِه فيُمنَعُ
# ١٦٣
ومَنْ يُصدقْ كاهنًا فقد كَفَرْ
بما أتى به الرسولُ المعتَبَرْ

فصل

يجمع معنى حديث جبريل المشهور في تعليمنا الدين، وأنه ينقسم إلى ثلاث مراتب: الإسلام والإيمان والإحسان، وبيان أركان كل منها
# ١٦٤
اِعْلَمْ بأن الدينَ قولٌ وعَمَلْ
فاحفَظْه وافهَمْ ما عليه ذا اشتَمَلْ
# ١٦٥
كَفَاكَ ما قد قاله الرسولُ
إذْ جاءه يسألُه جبريلُ
# ١٦٦
على مراتبَ ثلاثٍ فَصَّلَهْ
جاءَتْ على جميعِهِ مُشتَمِلَةْ
# ١٦٧
الاِسلامِ والإيمانِ والإحسانِ
والكلُّ مبنيٌّ على أركانِ
# ١٦٨
فقد أتى الإسلامُ مبنيٌّ على
خمسٍ، فحَقِّقْ وادْرِ ما قد نُقِلا
# ١٦٩
أولُها الركنُ الأساسُ الأعظمُ
وهْو الصراطُ المستقيمُ الأقْوَمُ
# ١٧٠
رُكنُ الشهادتينِ فاثبُتْ واعتَصِمْ
بالعروةِ الوثقى التي لا تنفَصِمْ
# ١٧١
وثانيًا إقامةُ الصلاةِ
وثالثًا تأديةُ الزكاةِ
# ١٧٢
والرابعُ الصيامُ فاسمَعْ واتبِعْ
والخامسُ الحجُّ على مَن يستطِعْ
# ١٧٣
فتِلك خمسةٌ وللإيمانِ
ستةُ أركانٍ بلا نُكرانِ
# ١٧٤
إيمانُنا بالله ذي الجلالِ
وما له مِن صفةِ الكمالِ
# ١٧٥
وبالملائكِ الكرامِ البررَةْ
وكُتْبِهِ المُنْزَلَةِ المُطَهَّرَةْ
# ١٧٦
ورُسْلِه الهُداةِ للأنامِ
من غيرِ تفريقٍ ولا إيهامِ
# ١٧٧
أولُهم نوحٌ بلا شكٍّ كما
أن محمدًا لهم قد خَتَما
# ١٧٨
وخمسةٌ منهم أولو العزمِ الأُلَى
في سورة الأحزابِ والشورى تَلا
# ١٧٩
وبِالْمَعَادَ ايْقِنْ بِلا تَرَدُّدِ
ولا ادِّعا علمٍ بوقتِ المَوعِدِ
# ١٨٠
لكننا نؤمنُ مِن غيرِ امتِرا
بكلِّ ما قد صحَّ عَن خيرِ الوَرَى
# ١٨١
مِن ذكرِ آياتٍ تكونُ قبلَها
وَهْيَ علاماتٌ وأشراطٌ لها
# ١٨٢
ويدخُلُ الإيمانُ بالموتِ وما
مِن بعدِه على العبادِ حُتِما
# ١٨٣
وأنَّ كلا مُقعَدٌ مسؤولُ:
ما الربُّ ما الدينُّ وما الرسولُ
# ١٨٤
وعند ذا يُثبِّتُ المُهيمِنُ
بثابتِ القولِ الذين آمنوا
# ١٨٥
ويُوقِنُ المرتابُ عند ذلِكْ
بأنَّ ما مَورِدُهُ المهالِكْ
# ١٨٦
وباللِّقا والبعثِ والنشورِ
وبقيامِنا مِن القبورِ
# ١٨٧
غُرْلا حفاةً كجَرادٍ مُنتشِرْ
يقولُ ذو الكُفرانِ: ذا يومٌ عَسِرْ
# ١٨٨
ويُجمَعُ الخلقُ ليومِ الفصْلِ
جميعُهم عُلويُّهم والسُّفْلِي
# ١٨٩
في موقفٍ يَجِلُّ فيه الخَطْبُ
ويعظُمُ الهَوْلُ به والكَرْبُ
# ١٩٠
وأُحضِروا للعرضِ والحسابِ
وانقطَعَتْ علائقُ الأنسابِ
# ١٩١
وارتَكَمتْ سحائبُ الأهوالِ
وانعجمَ البليغُ في المقالِ
# ١٩٢
وعنَتِ الوُجوهُ للقيُّومِ
واقتُصَّ مِن ذي الظلمِ للمظلومِ
# ١٩٣
وساوتِ الملوكُ للأجنادِ
وجِيءَ بالكتابِ والأشهادِ
# ١٩٤
وشهِدَتْ الاَعْضاءُ والجَوارِحُ
وبدَتِ السَّوْءاتُ والفضائحُ
# ١٩٥
وابتُلِيَتْ هنالِكَ السرائِرْ
وانكشَفَ المخفِيُّ في الضمائِرْ
# ١٩٦
ونُشِرَتْ صحائفُ الأعمالِ
تُؤخَذُ باليمينِ والشِمالِ
# ١٩٧
طُوبَى لِمَنْ يأخُذ باليمينِ
كتابَه بُشرَى بِحُورٍ عِينِ
# ١٩٨
والوَيلُ للآخِذِ بالشِّمالِ
وراءَ ظهرٍ للجحيمِ صالِي
# ١٩٩
والوزنُ بالقسطِ فلا ظُلمَ ولا
يُؤخَذُ عبدٌ بسِوَى ما عَمِلا
# ٢٠٠
فبَيْنَ ناجٍ راجِحٍ مِيزانُه
ومُقْرِفٍ أوبَقَهُ عُدوانُه
# ٢٠١
ويُنصبُ الجسرُ بلا امتراءِ
كما أتى في مُحكمِ الأنباءِ
# ٢٠٢
يَجُوزُه الناسُ على أحوالِ
بقَدْر كَسْبِهم مِنَ الأعمالِ
# ٢٠٣
فبينَ مُجتازٍ إلى الجنانِ
ومُسرفٍ يُكَبُّ في النيرانِ
# ٢٠٤
والنارُ والجنةُ حقٌّ وهُما
موجودتانِ لا فَناءَ لَهُما
# ٢٠٥
وحَوضُ خيرِ الخلقِ حقٌّ وبِهِ
يَشرَبُ في الأُخرَى جميعُ حِزبِهِ
# ٢٠٦
كذا لَهُ لِواءُ حَمْدٍ يُنْشَرُ
وتَحتَه الرُّسْلُ جَميعًا تُحْشَرُ
# ٢٠٧
كذا له الشفاعةُ العظمى كما
قد خصَّه اللهُ بها تكرُّما
# ٢٠٨
مِن بعدِ إذنِ الله لا كما يَرَى
كلُّ قُبورِيٍّ على الله افترَى
# ٢٠٩
يَشفَعُ أولًا إلى الرحمنِ في
فَصْلِ القضاءِ بين أهلِ الموقِفِ
# ٢١٠
مِن بعدِ أن يَطلُبَها الناسُ إلى
كل أولي العزمِ الهداةِ الفُضَلا
# ٢١١
وثانيًا يَشفَعُ في استفتاحِ
دارِ النعيمِ لأولي الفلاحِ
# ٢١٢
هذا وهاتانِ الشفاعتانِ
قد خُصَّتا به بلا نُكرانِ
# ٢١٣
وثالثًا يشفَعُ في أقوامِ
ماتوا على دينِ الهدى الإسلامِ
# ٢١٤
وأوبَقَتْهُم كثرةُ الآثامِ
فأُدخِلوا النارَ بذا الإجرامِ
# ٢١٥
أن يُخْرَجوا منها إلى الجنانِ
بفضلِ ربِّ العَرْشِ ذي الإحسانِ
# ٢١٦
وبعدَه يَشفَعُ كلُّ مُرسَلِ
وكلُّ عبدٍ ذي صلاحٍ ووَلِي
# ٢١٧
ويُخرِجُ اللهُ مِنَ النيرانِ
جميعَ مَن مات على الإيمانِ
# ٢١٨
في نَهَرِ الحياةِ يُطرَحونا
فَحْمًا فيحيَون ويَنْبُتُونا
# ٢١٩
كأنما يَنبُتُ في هَيْئاتِه
حِبُّ حَمِيلِ السيلِ في حافَاتِه
# ٢٢٠
والسادسُ الإيمانُ بالأقدارِ
فأيقِنَنْ بِها ولا تُمارِ
# ٢٢١
فكلُّ شيءٍ بقضاءٍ وقَدَرْ
والكُلُّ في أمِّ الكتاب مُستَطَرْ
# ٢٢٢
لا نَوْءَ لا عَدْوَى لا طَيْرَ ولا
عمَّا قضَى اللهُ تعالى حِوَلاَ
# ٢٢٣
لا غُولَ لا هامَةَ لا ولا صَفَرْ
كما بذا أخبَرَ سيدُ البشَرْ
# ٢٢٤
وثالِثٌ مرتبةُ الإحسانِ
وتِلك أعلاها لَدَى الرحمنِ
# ٢٢٥
وهْو رُسُوخُ القلبِ في العِرفانِ
حتى يكونَ الغيبُ كالعِيانِ

فصل

في كون الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وأن فاسق أهل الملة لا يكفر بذنب دون الشرك إلا إذا استحله، وأنه تحت المشيئة، وأن التوبة مقبولة ما لم يغرغر
# ٢٢٦
إيمانُنا يزيدُ بالطاعاتِ
ونقصُه يكونُ بالزلاَّتِ
# ٢٢٧
وأهلُه فيه على تفاضُلِ
هل أنتَ كالأملاكِ أو كالرُّسُلِ
# ٢٢٨
والفاسقُ المِلِّيُّ ذو العصيانِ
لم يُنفَ عنه مُطلقُ الإيمانِ
# ٢٢٩
لكن بقَدْر الفِسقِ والمعاصي
إيمانُه ما زال في انتقاصِ
# ٢٣٠
ولا نقولُ إنه في النارِ
مخلَّدٌ بل أمرُه للباري
# ٢٣١
تحتَ مشيئةِ الإلهِ النافِذَةْ
إن شا عفا عنه وإن شا آخذَهْ
# ٢٣٢
بقَدْرِ ذنبِهْ وإلى الجنانِ
يُخْرَجُ إن مات على الإيمانِ
# ٢٣٣
والعَرْضُ تَيْسِيرُ الحسابِ في النَّبَا
ومَنْ يُناقَشِ الحِسابَ عُذِّبا
# ٢٣٤
ولا تُكَفِّرْ بالمعاصي مُؤمِنَا
إلا معَ استِحلالِهِ لِمَا جَنَى
# ٢٣٥
وتُقبَلُ التوبةُ قبلَ الغَرْغَرَةْ
كما أتى في الشِّرعَةِ المطهَّرَةْ
# ٢٣٦
أما متى تُغلَقُ عن طالِبِها
فبِطُلوعِ الشمسِ مِن مَغرِبِها

فصل

في معرفة نبينا ﷺ، وتبليغه الرسالة، وإكمال الله لنا به الدين، وأنه خاتم النبيين، وسيد ولد آدم أجمعين، وأن من ادّعى النبوةَ من بعده فهو كاذب
# ٢٣٧
نبيُّنا محمدٌ مِن هاشِمِ
إلى الذبيحِ دونَ شكٍّ يَنتمي
# ٢٣٨
أرسلَه اللهُ إلينا مُرشِدَا
ورحمةً للعالمين وهُدَى
# ٢٣٩
مولِدُه بمكةَ المطهَّرَةْ
هِجرَتُه لطيبةَ المنوَّرَةْ
# ٢٤٠
بعدَ ارْبَعِين بَدَأَ الوحيُ بِه
ثم دعا إلى سبيلِ ربِّه
# ٢٤١
عشرَ سنين: أيها الناس اعبُدُوا
ربًّا تعالى شأنُه ووَحِّدُوا
# ٢٤٢
وكان قبلَ ذاك في غارِ حِرَا
يخلو بذكرِ ربِّه عن الورَى
# ٢٤٣
وبعدَ خمسين مِنَ الأعوامِ
مضتْ لعُمرِ سيدِ الأنامِ
# ٢٤٤
أَسْرَى به اللهُ إليه في الظُّلَمْ
وفرَضَ الخمسَ عليه وحَتَمْ
# ٢٤٥
وبعدَ أعوامٍ ثلاثةٍ مَضَتْ
مِن بعدِ مِعراجِ النبيِّ وانقضَتْ
# ٢٤٦
أُوذِنَ بالهجرةِ نحوَ يَثرِبَا
معْ كلِّ مسلمٍ له قد صَحِبَا
# ٢٤٧
وبَعدَها كُلِّفَ بالقتالِ
لشيعةِ الكفرانِ والضلالِ
# ٢٤٨
حتى أتَوْا للدينِ مُنقادِينَا
ودخَلوا في السِّلمِ مُذعِنينَا
# ٢٤٩
وبعدَ أن قد بلَّغَ الرسالةْ
واستنقَذَ الخلقَ مِنَ الجهالةْ
# ٢٥٠
وأكمَلَ اللهُ به الإسلامَا
وقامَ دينُ الحق واستقامَا
# ٢٥١
قبضَه اللهُ العليُّ الأعلَى
سبحانَه إلى الرفيقِ الأعلى
# ٢٥٢
نشهَدُ بالحقِّ بلا ارتيابِ
بأنه المرسَلُ بالكتابِ
# ٢٥٣
وأنه بلَّغَ ما قد أرسِلا
به وكُلَّ ما إليه أُنزِلا
# ٢٥٤
وكلُّ مَن مِن بعدِه قدِ ادَّعَى
نبوةً فكاذِبٌ فيما ادَّعَى
# ٢٥٥
فهْوَ خِتامُ الرُّسْلِ باتفاقِ
وأفضلُ الخلقِ على الإطلاقِ

فصل

فيمن هو أفضلُ الأمة بعد الرسول ﷺ، وذكر الصحابة بمحاسنهم، والكف عن مساوئهم، وما شجر بينهم
# ٢٥٦
وبعدَه الخليفةُ الشَّفِيقُ
نعمَ نقيبُ الأمةِ الصديقُ
# ٢٥٧
ذاك رفيقُ المصطفى في الغارِ
شيخُ المهاجرين والأنصارِ
# ٢٥٨
وهْو الذي بنفسه تولَّى
جهادَ مَن عَنِ الهدى تولَّى
# ٢٥٩
ثانِيهِ في الفضلِ بلا ارتيابِ
الصادعُ الناطقُ بالصوابِ
# ٢٦٠
أعني به الشَّهمَ أبا حفصٍ عُمَرْ
مَن ظاهَرَ الدينَ القويمَ ونَصَرْ
# ٢٦١
الصارمُ المُنْكِي على الكفارِ
ومُوسِعُ الفتوحِ في الأمصارِ
# ٢٦٢
ثالثُهم عثمانُ ذو النورَيْنِ
ذو الحِلْمِ والحَيَا بغير مَيْنِ
# ٢٦٣
بَحْرُ العلومِ جامعُ القرآنِ
منه استحَتْ ملائِكُ الرحمنِ
# ٢٦٤
بايَعَ عنه سيدُ الأكوانِ
بكفِّه في بيعةِ الرِّضوانِ
# ٢٦٥
والرابعُ ابنُ عمِّ خيرِ الرُّسُلِ
أعني الإمامَ الحقَّ ذا القدرِ العلي
# ٢٦٦
مبيدُ كلِّ خارجيٍّ مارِقِ
وكلِّ خِبٍّ رافضيٍّ فاسِقِ
# ٢٦٧
مَنْ كان للرسولِ في مكانِ
هارونَ مِن موسَى بلا نُكرانِ
# ٢٦٨
لا في نبوةٍ فقد قدمتُ ما
يَكفي لِمَن مِن سُوءِ ظنٍّ سَلِمَا
# ٢٦٩
فالستةُ المُكمِّلون العَشَرَةْ
فسائرُ الصَّحْبِ الكرامِ البرَرَةْ
# ٢٧٠
وأهلُ بيتِ المصطفى الأطهارُ
وتابعوه السادةُ الأخيارُ
# ٢٧١
فكلُّهم في محكم القرآنِ
أثنى عليهم خالقُ الأكوانِ
# ٢٧٢
في الفتحِ والحديدِ والقتالِ
وغيرِها بأكمل الخصالِ
# ٢٧٣
كذاك في التوراةِ والإنجيلِ
صفاتُهم معلومةُ التفصيلِ
# ٢٧٤
وذكرُهم في سنةِ المختارِ
قد سار سَيْرَ الشمسِ في الأقطارِ
# ٢٧٥
ثم السكوتُ واجبٌ عَمَّا جَرَى
بينهمُ مِن فِعْلِ ما قد قُدِّرا
# ٢٧٦
فكُلُّهم مجتهدٌ مُثابُ
وخِطؤُهمْ يغفرُه الوَهَّابُ

خاتمة

في وجوب التمسك بالكتاب والسنة، والرجوع عند الاختلاف إليهما، فما خالفهما فهو رد
# ٢٧٧
شَرْطُ قبولِ السعيِ أن يَجتمِعَا
فيه إصابةٌ وإخلاصٌ مَعَا
# ٢٧٨
للهِ ربِّ العَرْشِ لا سِواهُ
مُوافِقَ الشَّرْعِ الذي ارتضاهُ
# ٢٧٩
وكلُّ ما خالَفَ للوحيينِ
فإنه رَدٌّ بغيرِ مَيْنِ
# ٢٨٠
وكلُّ ما فيه الخِلافُ نُصِبَا
فرَدُّه إليهما قد وَجَبا
# ٢٨١
فالدينُ إنما أتى بالنَّقْلِ
ليس بالاَوْهامِ وحَدْسِ العَقْلِ
# ٢٨٢
ثُمَّ إلى هنا قدِ انتهيتُ
وتَم ما بِجَمعِه عُنِيتُ
# ٢٨٣
سَميتُه بسُلَّمِ الوُصولِ
إلى سَما مباحِثِ الأصولِ
# ٢٨٤
والحمدُ لله على انتهائي
كما حَمِدتُ الله في ابتدائي
# ٢٨٥
أسألُه مغفرةَ الذنوبِ
جميعِها والسَِّترَ للعيوبِ
# ٢٨٦
ثم الصلاةُ والسلام أبدَا
تَغشَى الرسولَ المصطفَى محمدَا
# ٢٨٧
ثم جميعَ صحبِه والآلِ
السادةِ الأئمةِ الأبدالِ
# ٢٨٨
تدومُ سَرْمَدًا بلا نَفَادِ
ما جَرَتِ الأقلامُ بالمِدادِ
# ٢٨٩
ثم الدُّعا وصيةُ القراءِ
جميعِهم من غيرِ ما استثناءِ
# ٢٩٠
أبياتُها (يُسرٌ) بِعَدِّ الجُمَّلِ
تأريخها (الغُفرانُ) فافهَم وادعُ لي