المختصر من نخبة الفكر
عبد الوهاب الأحمدي الشافعي (١١٥٤ هـ)

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالَمِينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى سَيِّدِ المُرْسَلِينَ، وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمّا بَعْدُ:
فَهَذِهِ كَلِماتٌ سَمَّيْتُها: «المخْتَصَرَ مِنْ نُخْبَةِ الفِكَرِ».
الخبرُ: إنْ رَواهُ فيِ سائِرِ طَبَقاتِهِ جَمْعٌ يَسْتَحِيلُ عادَةً تَواطُؤُهُمْ عَلَى الكَذِبِ، واسْتَنَدَ إلَى الحِسِّ: فَهُوَ المُتَواتِرُ.
وَإنْ رَواهُ أَكْثَرُ مِنِ اثْنَيْنِ، ولَمْ يَجْتَمِعْ فِيهِ شُرُوطُ المُتَواتِرِ الثَّلاثَةُ: فَهُوَ المَشْهُورُ.
وَإنْ رَواهُ اثْنانِ: فَهُوَ العَزِيزُ.
وَإنْ رَواهُ واحِدٌ: فَهُوَ الغَرِيبُ، ويُقالُ لَهُ: الفَرْدُ المُطْلَقُ، إنْ كانَ التَّفَرُّدُ فيِ أَصْلِ السَّنَدِ: وإلّا فَهُوَ الفَرْدُ النِّسْبِيُّ.
وَما سِوَى المُتَواتِرِ : آحادٌ، وبَعْضُها مَقْبُولٌ، وبَعْضُها مَرْدُودٌ.
المَقْبُولُ: إنْ رَواهُ عَدْلٌ تامُّ الضَّبْطِ، واتَّصَلَ سَنَدُهُ، وسَلِمَ مِنْ الشُّذُوذِ، ومِنَ العِلَّةِ القادِحَةِ: فَهُوَ الصَّحِيحُ لِذاتِهِ.
وَإنْ وُجِدَتِ الشُّرُوطُ الخَمْسُ، لَكِنْ خَفَّ الضَّبْطُ: فَهُوَ الحَسَنُ لِذاتِهِ.
وَتَفاوَتُ مَراتِبِ الصَّحِيحِ والحَسَنِ بِتَفاوُتِ هَذِهِ الصِّفاتِ بِالقُوَّةِ.
وَيُحْكَمُ بِصِحَّةِ الحَسَنِ إذا كَثُرَتْ طُرُقُهُ.
وَزِيادَةُ راوِي الصَّحِيحِ، والحَسَنِ مَقْبُولَةٌ إنْ لَمْ تَكُنْ مُنافِيَةً لِرِوايَةِ مَنْ هُوَ أَوْثَقُ مِنْهُ.
فَإنْ خالَفَ الرّاوِي مَنْ هُوَ أَرْجَحُ: فالرّاجِحُ هُوَ: المَحْفُوظُ، ومُقابِلُهُ هُوَ: الشّاذُّ.
وَمَعَ الضَّعْفِ: فالرّاجِحُ هُوَ: المَعْرُوفُ، ومُقابِلُهُ هُوَ: المُنْكَرُ.
وَما يُظَنُّ أنَّهُ فَرْدٌ نِسْبِيٌّ: إنْ وُجِدَ لَهُ مُوافِقٌ، ولَو مَعْنًى مِنْ رِوايَةِ صَحابِيِّهِ: فَذَلِكَ المُوافِقُ هُوَ: المُتابِعُ.
والمُتابَعَةُ: إنْ كانَتْ لِلرّاوِي نَفْسِهِ: فَهِيَ التّامَّةُ. وإنْ كانَتْ لِشَيْخِهِ فَمَنْ فَوْقَهُ: فَهِيِ القاصِرَةُ، وكلٌّ مِنْهُما يُفْيُد التَّقْوِيَةَ.
وَإنْ وُجِدَ مَتْنٌ يُشْبِهُهُ -وَلَوْ فِي المعْنَى- مِنْ رِوايَةِ صَحابِيٍّ آخَرَ: فَهْوَ الشّاهِدُ. وتَتَبُّعُ الطُّرُقِ هُوَ: الاعْتِبارُ.
ثُمّ إنْ سَلِمَ الحَدِيثُ مِنَ المُعارَضَةِ بِمِثْلِهِ: فَهُوَ المُحْكَمُ: وإلّا: فَإنْ أَمْكَنَ الجَمْعُ: فَهُوَ مُخْتَلِفُ الحَدِيثِ: وإلّا: فَإنْ عُرِفَ المُتَّأَخِرُ: فَهُوَ النّاسِخُ، والآخَرُ المَنْسُوخُ.
والمَرْدُودُ: إمّا أَنْ يَكُونَ رَدُّهُ لِسَقْطٍ مِنَ السَّنَدِ، أَوْ طَعْنٍ فِي راوٍ:
فَما سَقَطَ أَوَّلُ سَنَدِهِ، تَصَرُّفًا مِنْ مُصَنِّفٍ: فَهُوَ المُعَلَّقُ.
وَما سَقَطَ صَحابِيُّهُ: فَهُوَ المُرْسَلُ.
وَما سَقَطَ مِنْهُ اثْنانِ فَأَكْثَرُ مَعَ التَّوالي: فَهُوَ المُعْضَلُ.
وَما سَقَطَ مِنْهُ واحِدٌ، ولَوْ فِي مَواضِعَ: فَهُوَ المُنْقَطِعُ.
فَإنْ خَفِيَ السُّقُوطُ بِأَنَ رَوَى عَنْ مُعاصِرِهِ شَيئًا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ، بِصِيَغةٍ تَحْتَمِلُ السَّماعَ، وقَدْ عُرِفَ أَنَّهُ لَقِيَهُ: فَهُوَ المُدَلَّسُ،
وَإلّا: فَهُوَ المُرْسَلُ الخَفِيُّ.
والطَّعْنُ يَكُونُ بِواحِدٍ مِنْ عَشَرَةِ أَشْياءَ:
خَمْسَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالعَدالَةِ: وهِيَ:
١- الكَذِبُ فيِ الحَدِيثِ النَّبوِيِّ.
٢- والتُّهَمَةُ بِذَلِكَ.
٣- وظُهُورُ الفِسْقِ.
٤- والجَهْلُ بِحالِ الرّاوِي.
٥- وبِدْعَتُهُ المُكَفِّرَةُ.
وَخَمْسَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالضَّبْطِ: وهِيَ:
١- فُحْشُ غَلَطِهِ.
٢- وكَثْرَةُ غَفْلَتِهِ.
٣- ووَهْمُهُ.
٤- ومُخالَفَتُهُ لِلثِّقاتِ.
٥- وسُوءُ حِفْظِهِ.
والوَهْمُ: كَوَصْلِ مُرْسَلٍ، وإدْخالِ حَدِيثٍ فيِ حَدِيثٍ: وهَذا هُوَ المُعَلَّلُ.
والمُخالَفَةُ: إنْ كانَتُ بِتَغْيِيرِ سِياقِ الإسْنادِ: فَهُوَ مُدْرَجُ الإسْنادِ.
أَوْ بِدَرْجِ مَوْقُوفٍ بِمَرْفُوعٍ: فَهُوَ مُدْرَجُ المَتْنِ.
أَوْ بِتَقْدِيمٍ وتَأْخِيرٍ فِي الأَسْماءِ: فَهُوَ المَقْلُوبُ، وقَدْ يَقَعُ القَلْبُ فِي المَتْنِ أَيْضًا.
أَوْ بِزِيادَةِ راوٍ: فَهُوَ المَزِيدُ فِي مُتَّصِلِ الأَسانِيدِ.
أَوْ بِإبْدالِ راوٍ، ولا مُرَجِّحَ: فَهُوَ المُضْطَرِبُ.
أَوْ بِتَغْيِيرِ بَعْضِ الحُرُوفِ بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّقْطِ: فَهُوَ المُصَحَّفُ، وبِالنِّسْبَةِ إلَى الشَّكْلِ: فَهُوَ المُحَرَّفُ.
والإسْنادُ: إنِ انْتَهَى إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فالمرْفُوعُ، أَوْ إلَى الصَّحابِيِّ: فالموْقُوفُ، أَوْ إلَى التّابِعِيِّ، أَوْ منْ دُونَهُ: فالمَقْطُوعُ.
وَيُقالُ لِلأَخِيَريْنِ: الأَثَرُ.
والمُسْنَدُ: مَرْفُوُع صَحابِيٍّ بِسَنَدٍ ظاهِرُهُ الِاتِّصالُ.
فَإِّنْ قَلَّ عَدَدُ رِجالِ السَّنَدِ، وانْتَهَى إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فَهُوَ العُلُوُّ المُطْلَقُ.
أَوْ إلَى إمامٍ ذِي صِفَةٍ عَلِيَّةٍ: فَهُوَ العُلُوُّ النِّسْبِيُّ.
فِإنْ تَشارَكَ الرّاوِي ومَنْ رَوَى عَنْهُ في صِفَةِ مِنَ الصِّفاتِ المُتَعَلِّقَة ِ بِالرِّوايَةِ: كالسِّنِّ، واللُّقِيِّ: فَهُوَ الأَقْرانُ.
وَإِنْ رَوَى كُلٌّ مِنْهُما عَنِ الآخَرِ: فَهُوَ المُدَبَّجُ، وإنْ رَوَى عَمَّنْ دُوْنَهُ: فَهُوَ رِوايَةُ الأَكابِرِ عَنِ الأَصاغِر.
وإنِ اجتَمَعَ اثْنانِ عَلَى شَيْخٍ، وتَقَدَّمَ مَوْتُ أَحَدِهِما: فَهُوَ السّابِقُ واللّاحِقُ.
وَإنِ اتَّفَقَ الرُّواةُ فِي صِيغِ الأَداء، أَوْ غَيْرِها مِنَ الحالاتِ: فَهُوَ المُسَلْسَلُ.
وصَيَغُ الأَداءِ: سَمِعْتُ، وحَدَّثَنِي، ثُمّ أَخْبَرَنِي، وقَرَأْتُ عَلَيْهِ، ثُمّ قُرِئَ عَلَيْهِ وأَنا أَسْمَعُ، ثُمّ أَنْبَأَنِي، ثُمّ ناوَلَنِي، ثُمّ شافَهَنِي، ثُمّ كَتَبَ إلَيَّ -أيْ: بِالإجازَةِ فِيْهِما- ثُمّ عَنْ ونَحْوِها.
وَعَنْعَنَةُ المُعاصِرِ مَحْمُولَةٌ عَلَى السَّماعِ، إلّا مِنَ المُدَلِّسِ، وقِيِلَ: يُشْتَرَطُ ثُبُوتُ لِقائِهِما ولَوْ مَرَّةً: وهُوَ المُخْتارُ عِنْدَ المُصَنِّف.
ثُمّ الرُّواةُ: إنِ اتَّفَقَتْ أَسْماؤُهُمْ وأَسْماءُ آبائِهِمْ فَصاعِدًا: فَهُوَ المُتَّفِقُ والمُفْتَرِقُ.
وَإنِ اتَّفَقَتِ الأَسْماءُ خَطًّا، واخْتَلَفَتْ نُطْقًا: فَهُوَ المُؤْتَلِفُ والمُخْتَلِفُ.
وَإن اتَّفَقَتِ الأَسْماءُ، واخْتَلَفَتِ الآباءُ، أَوْ بِالعَكْسِ: فَهُوَ المُتِشابِهُ.
وَتَرَكْتُ تَفاصِيلَ ومُهِمّاتٍ أَحَلْتُها عَلَى المُطَوَّلات ِ: لِغَرَضِ الِاخْتِصارِ، واللهُ سُبْحانُهُ وتَعالَى أَعْلَمُ.