عقد الدرر نظم نخبة الفكر
معروف النودهي (١٢٥٤ هـ)
يقول أفقر الورى معروف
عنه عفا بفضله الرؤوف
أحمد ذا الجلال والجمال
والطول والإنعام والإفضال
مصليا على النبي الهادي
وآله وصحبه الأمجاد
هذا كتاب هين التناول
ألفته مع كثرة الشواغل
فيما عليه اصطلحت أهل الأثر
سميته لما انتهى عقد الدرر
سلكت فيه مسلك اقتصاد
والله أرجو المن بالإسعاد
إذا وجدت طرقا للخبر
في عدد معين لم تحصر
فمتواتر به قد حصلا
علم يقيني إذا ما استكملا
ما اعتبروه من شروط شهرت
وإن تجد طرقه قد حصرت
فيما يفوق اثنين فالمشهور
كما عليه اتفق الجمهور
ذا مستفيض عند بعض العلما
ومنهم من غايروا بينهما
ثم العزيز ما روى اثنان فقط
وليس هذا للصحيح يشترط
وزعم من يقول شرط فاسد
ثم الغريب ما رواه واحد
وما سوى الأول آحاد وجد
فيها الذي يقبل والذي يرد
من ثم لا يجنح لاستدلال
بها بدون البحث عن أحوال
رواتها ولا كذاك الأول
فكله من غير بحث يقبل
وبالقرائن احتفاف الخبر
بجعله مفيد علم نظري
إذا بأصل سند تحقق
غرابة فذاك فرد مطلق
أو غيره فذاك فرد نسبي
ولهما أمثلة في الكتب
بكثرة سموا بفرد أولا
وقل في الأخير أن يستعملا
وما أتى من خبر الأحاد
متصلا من جهة الإسناد
بنقل عدل ضابط قد كملا
ولم يكن شاذا ولا معللا
صحيح أي لذاته وبحسب
هذي الصفات تتفاوت الرتب
فقدموا الصحيح للبخاري
على جميع كتب الأخبار
وبعده يقدمون مسلما
ثم الذي وافقه شرطهما
فإن يخف الضبط من رواته
فهو المسمى حسنا لذاته
ولا احتجاج كالصحيح يصلح
إن كثرت طرقه يصحح
إن جمعا فذاك للتردد
في ناقل إن كان ذا تفرد
إلا فباعتبار إسنادين
قد حصل الإطلاق للوصفين
بالمتن ما راويهما قد ألحقه
منفردا به زيادة الثقة
تقبل مطلقا كما قد أطبقوا
ما لم تناف ما رواه أوثق
وإن خولف الراو براو أرجحا
فسم بالمحفوظ ما ترجحا
والشاذ ما قابله وحيث مع
ضعف رأيت ذا الخلاف قد وقع
فسم بالمعروف ما الرجحان له
وسم بالمنكر ما قد قابله
لفردنا النسبي إن يشايع
سواه فالموسوم بالمتابع
وحيثما كنت لمتن واجدا
يشبهه فسم ذاك شاهدا
تتبع الطرق لاختبار
ذلك موسوم بالاعتبار
وما هو المقبول حيث يسلم
من المعارضة فهو المحكم
وبالضعيف إن يكن يعارض
فواضح أن الضعيف داحض
أو بالذي ماثله فإما
أن يمكن الجمع وذا يسمى
مختلف الحديث أولا فمتى
بالنص بان آخر أو أثبتا
ذاك صحابي أو التأريخ
فناسخ والآخر المنسوخ
واجنح إلى الترجيح إن لم يعرف
إذا تأتى ثم التوقف
والخبر المردود إنما يحط
للطعن أو لسقط ثم السقط
من صدر إسناد ومنتهاه
من بعد تابعي أو سواه
فأول معلق والمرسل
ثان وأما ثالث فمعضل
إذ فوق واحد ولاء يقع
فاعلم وإلا فهو النقطع
وقد يكون واضحا جليا
وقد يكون غامضا خفيا
فأول بعدم التلاقي
يدركه حتى سوى الحذاق
فاحتيج في معرفة الشيوخ
ومن روى عنهم إلى التأريخ
والثان منهما هو المدلس
وهو على الحذاق لا يلتبس
بصيغة تحتمل اتصالا
تراه واردا كعن وقالا
كذاك مرسل خفي أرسله
معاصر ما ثبت اللقى له
للطعن أسباب لرد توجب
إما لأن شأن راو كذب
أو كونه بكذب يتهم
أو كونه يفحش منه الوهم
أو غفلة أو فسق , لوهم
أو الخلاف لثقات القوم
أ, جهل أو لبدعة مستنكره
أو سوء حفظ فالجميع عشره
فالأول الموضوع والمختلق
على رسول الله شيئا يوبق
وإنما ميزه وأدركه
من كان في العلم قوي الملكة
وكان أيضا ذا اطلاع كامل
وثاقب الذهن وفهم فاضل
ومن رواه فليبين أمره
إلا فلا يحل أن يذكره
وإنما الوضاع قوم نوك
وثان الأقسام هو المتروك
وثالث وتالياه المنكر
في رأي من في ذاك لا يعتبر
قيد المخالفة والوهم متى
لاحت قرائن بها قد ثبتا
كوصل مرسل أو المنقطع
يعرف ذا بكثرة التتبع
والجمع للطرق فالمعلل
ثم المخالفة حيث تحصل
بسبب التغيير للسياق
فمدرج الإسناد باتفاق
أو دمج موقوف بمرفوع الخبر
فمدرج المتن ومنه قد ظهر
القدر المدرج باستحاله
كون النبي المصطفى قد قاله
أو برواية بها يفصل
أو قول راو أو إمام يقبل
أو هي بالتقديم والتأخير في
أسماء أو متن بقلوب صف
أو زيد راو والذي لم يزد
أتقن ممن زاده في السند
سمي ما يوصف بازدياد
ما زيد في متصل الإسناد
وشرطه التصريح باتصال
في موضع الزائد أو إبدال
ولم يكن مرجح فاللقب
لذاك النوع هو المضطرب
ويقع الإبدال لاختبار
عمدا كما وقع للبخاري
إن غير النقط فذا مصحف
أو غير الشكل فذا محرف
ولا نرى لأحد تغييرا
لصورة المتن ولو يسيرا
بالنقص والإبدال بالمرادف
إلا لحبر بالمعاني عارف
وحيث للمعنى خفاء يحصل
إذ لفظه بقلة مستعمل
أو كثرة لكنه ما سهلا
مفهومه اللدقة احتيج إلى
شرح الغريب وبيان المشكل
ففيهما كل خفي ينجلي
أما الجهالة فإنما عرت
لأن للراوي نعوتا كثرت
فهو لأجل غرض قد يذكر
بغير ما كان به يشتهر
وصنفوا الموضع فيه وعنى
بذلك الخطيب مع عبد الغني
وهو من الحديث قد يقل
فلم يكن يكثر عنه النقل
وصنف الوحدان فيه العلما
أو لاختصار اسمه قد أبهما
وهو من طريق أخرى يعرف
والقوم فيه المبهمات صنفوا
وما حديث مبهم مقبولا
ولو بلفظ افهم التعديلا
إن سمي الراوي وعنه ينفرد
راو فذا مجهول عين أو فقد
ترجيحه وجرحه المفسر
واثنان عنه رويا فأكثر
فالحال وليسم بالمستور
أيضا وقد رد لدى الجمهور
ومنهم من قال بالوقف إلى
بيان حاله وقيل قبلا
إن كانت البدعة بالمكفر
فعدم القبول قول الأكثر
أو بمفسق ففيه حصلا
خلف وفي القول الأصح قبلا
ما لم يكن داعية أو يروى
رواية بدعته تقوى
فإنه ليس له من حظ
من القبول ثم سوء الحفظ
لازم أوطار فأول ضبط
شاذا على رأي وثان مختلط
وسيئ الحفظ متى كان معه
معتبر من الرواة تابعة
كذا مدلس ومرسل ومن
جهل حالا فحديثهم حسن
أي باعتبار ذلك المجموع لا
لذاته فلازم أن يقبلا
هذا والإسناد فإما ينتهي
إلى رسول الله خير خلقه
تصريحا أو حكما من القول ومن
فعل وتقرير فمرفوعا زكن
أو الصحابي كذاك ينتهي
من لقى النبي مؤمنا به
وهو على الإسلام مات لو سنح
بينهما الردة منه في الأصح
فذاك موقوف بلا ارتياب
أو تابعي لقى الصحابي
كذا فمقطوع ومثل تابعي
من دونه فيه بلا تنازع
وللأخيرين لديه توجد
تسمية بأثر والمسند
مرفوع ذي الصحبة إذ يقال
بسند ظاهره اتصال
فإن يقل عدد يتسق
في سنده فهو علو مطلق
إن انتهى لسيد الأنام
أما إذا انتهى إلى إمام
ذي صفة عليه كالشعبي
وشعبة فهو علو نسبي
فيه الموافقة ذي أن يصلا
راو إلى شيخ مصنف على
غير طريقه وفيه البدل
لشيخ شيخه كذاك يصل
فيه المساواة استواء عدد
إسناد ذي رواية مع سند
مصنف مثل النسائي الجهبذ
فيه المصاحفة هكذا وذي
بأن يكون سند ممن روى
مع سند تلميذه ساق سوا
ثم العلو مع ما قد مر له
من الضروب فالنزول قابله
إذا استوى راو من عنه روي
في غمر وفي اللقى فهوا
رواية الأقران أو يخرج
كل عن الآخر فالمدبج
إن كان من فوق روى عن قاصر
فهو أكابر عن الأصاغر
ومنه الآباء عن الأبناء
في العكس كثرة بلا خفاء
وحيثما اشترك راويان في
رواية عن شيخ أو مصنف
وموت واحد سكون سابقا
فسم ذاك سابقا ولاحقا
وإن روى الراوي عن اثنين هما
متفقا اسم وامتياز عدما
فباختصاصه يبين المهمل
إن لم يبن أو خص كلا يشكل
وإن يكن مرويه الشيخ جحد
فإن يكن بالجحد جازما يرد
أو كان حجده احتمالا قبلا
على الأصح من خلاف حصلا
وفيه ما ينفع للمقتبس
كتاب من حدث حينا ونسى
وصيغ الأداء للرواة
وغيرها من سائر الحالات
إن كان فيها الاتفاق يحصل
منهم فإن ذلك مسلسل
وصيغ الأداء فلتبين
وقدموا سمعت مع حدثني
وواقع أخبرني قرأت
عليه تلو ما به بدأت
وجعلوا قرى عليه وأنا
أسمع ثالثا لما قد بينا
وبعده أنبأني وأخرا
ناولني عنه وبعده جرى
شافهني ثم إلى كتبا
وعن ونحوها يلي ما رتبا
والأولان وقعا لمن سمع
من لفظ شيخ وحده فإن جمع
فإنه مع غيره وربما
يكون ذا لنفسه معظما
أولها أصرحها والأرفع
ما هو في الإملاء منها يقع
وثالث ورابع تقررا
لمن بنفسه على الشيخ قرا
وإن أتى الراوي بلفظ الجمع
فمثل خامس بغير منع
ومعنى الإنباء هو الإخبار في
أهل اللسان واصطلاح السلف
أما الذي قام عليه عرف من
تأخروا فلإجازة كعن
ومن معاصر إذا ما تحصل
عنعنة على السماع تحمل
لا من مدلس ومنهما اللقا
لو مرة مشترط في المنتقى
ثم المشافهة فيما يحصل
باللفظ من إجازة تستعمل
كذا المكاتبة في إجازة
كتب بها الشيخ لمن أجازه
وشرطوا لصحة المناولة
إجازة الشيخ لمن قد ناوله
وهذه أرفع ما يكون من
إجازة بشرطها إن تقترن
وهكذا في صورة الوجادة
يشترطون الإذن بالإفادة
كذا وصية لدى الذهاب
لسفر والموت بالكتاب
كذا في الأعلام وإلا فاطرح
فما بذاك عبرة ولا يصح
مثل إجازة على العموم
كذاك للمجهول والمعلوم
على الأصح في جميع ما مضى
والخلف في ذلك ليس يرتضى
إن للرواة اتفق السماء
وفي الأسامي اتفق الأباء
لكن أشخاصهم لم تتفق
فإنه متفق ومفقترق
وحيث في النطق الأسامي تختلف
لا الخط قل مؤتلف ومختلف
وحيثما اتفقت الأسماء
أي فيهما واختلف الآباء
في النطق أو كان بعكس ما سبق
فمتشابه كذا إذا اتفق
اسم لراوي خبر واسم الأب
والاختلاف واقع في النسب
منه ومما قبله يركب
عدة أنواع ومنها يحسب
كون اتفاق واشتباه حصلا
في اسم وفي اسم الأب أيضا مثلا
في غير حرف أو سوى حرفين
أو الحصول لكلا الأمرين
بسبب التقديم والتأخير
أو نحو ذا عليك بالتصوير
خاتمة من جملة المهم
عند المحدثين كسب العلم
بطبقات زمر الرواة
كذا المواليد مع الوفاة
كذلك البلدان والأوطان
كذا بأحوالهم عرفان
تجريحا أو تعديلا أو جهالة
بالفحص عن فسق وعن عدالة
كذاك أن يعرف بالتفصيل
مراتب الجرح مع التعديل
مراتب الجرح على ما نقلا
أسوأها الوصف بوزن أفعلا
كأكذب الناس كذا ما أشبها
ذاك كـ في الوضع إليه المنتهى
ودون ذاك هذه الألقاب
دجال أو وضاع أو كذاب
وإن يكن سيء حفظ لين
أدنى مقال فيه فهو الأهون
مراتب التعديل خذها جملا
أرفعها الوصف بمثل أفعلا
كأوثق الناس كذا ما أشبها
كـ في تثبت إليه المنتهى
يليه ما بصفة تأكدا
أو صفتين ومثال المبتدا
كثقة مكررا والثاني
كثقة ذو حفظ أو إتقان
من أسهل التجريح ما دنا فقل
ذلك أدناها ولا يخفى المثل
وقبلت تزكية ممن بدا
أسبابها له ولو منفردا
وقدم الجرح على التعديل
إن كان صادرا على التفصيل
ممن درى أسبابه وإن خلا
ذاك عن التعديل يقبل مجملا
فصل ومن منهم أصحاب الأثر
كنية أو راو باسمه قد اشتهر
واسم الذي كنيته قد شهرت
وذو كنى وذو نعوت شهرت
ومن غدت كنيته وفاقا
لاسم أبيه كأبي إسحاقا
هو ابن إسحاق ومن بالعكس
وكلها مظنة للبس
كذاك من كنيته فيها اختلف
أو اسمه كنيته ومن وصف
كنيته بكونها وفاق ما
لزوجة من كنية ومن سما
أبيه باسم شيخه قد التبس
عن أنس يروي الربيع بن أنس
ومن لمن ليس له بولد
ينسب كالمقداد نجل الأسود
أو غير ما معناه للفهم سبق
ومن في الاسم مع شيخه قد اتفق
ومع شيخ شيخه فصاعدا
أو وفق الجد له والوالدا
كذاك من يتفق اسم من روى
عنه مع اسم شيخه على السوا
وضبط أسماء هي المجردة
من المهم وكذاك المفردة
كذا الكنى كذاك الألقاب
وهكذا الأوطان والأنساب
ونسبة لبلد أو دار
سكنى أو الضيعة أو جوار
كذلك الحرف والصنائع
فيها اتفاق واشتباه واقع
ورب أنساب أتت ألقابا
يعنيك أن ترى لها أسبابا
كذا موالي الرق أو إسلام
أو حلف من جملة المهام
وإخوة وأخوات وأدب
شيخ وطالب الحديث والسبب
له كذاك سن ذي تأهيل
لشرف الأداء والتحميل
من المهم في الحديث خطه
وضبطه وشكله ونقطه
وعرضه وهكذا سماعه
ورحلة فيه كذا إسماعه
كذلك التصنيف للكتاب
على المسانيد أو الأبواب
أو علل أيضا أو الأطراف
وصنفوا في هذه الأصناف
غالبها وهي محض النقل
ظاهرة حدودها كالمثل
يعسر أن تحصرها مضبوطه
فارجع لها للكتب المبسوطه
وكل من يعني بشأن العلم
حفظ في الأصول مثل نظمي
وإلا فليس في عداد العلما
ولو أحاط بعجائب السما
كمل في قلائل الأيام
فأحمد الله على الإتمام
مصليا على النبي الأفضل
وآله مع الصحاب الكمل