لامية العربالشنفرى (توفي ٧٠ قبل الهجرة)أَقِيمُوا بَنِي أُمِّي صُدُورَ مَطِيِّكُمْ
✽ فَإنِّي إلى قَوْمٍ سِوَاكُمْ لَأَمْيَلُ
فَقَدْ حُمَّتِ الحَاجَاتُ وَاللَّيْلُ مُقْمِرٌ
✽ وَشُدَّتْ لِطِيّاتٍ مَطَايَا وَأرْحُلُ.
وفي الأَرْضِ مَنْأَى لِلْكَرِيمِ عَنِ الأَذَى
✽ وَفِيهَا لِمَنْ خَافَ القِلَى مُتَعَزَّلُ
لَعَمْرُكَ مَا بِالأَرْضِ ضِيقٌ على امْرِىءٍ
✽ سَرَى رَاغِبًا أَوْ رَاهِبًا وَهْوَ يَعْقِلُ
وَلِي دُونَكُمْ أَهْلُون : سِيدٌ عَمَلَّسٌ
✽ وَأَرْقَطُ زُهْلُولٌ وَعَرْفَاءُ جَيْأََلُ
هُمُ الأَهْلُ لا مُسْتَودَعُ السِّرِّ ذَائِعٌ
✽ لَدَيْهِمْ وَلاَ الجَانِي بِمَا جَرَّ يُخْذَلُ
وَكُلٌّ أَبِيٌّ بَاسِلٌ غَيْرَ أنَّنِي
✽ إذا عَرَضَتْ أُولَى الطَرَائِدِ أبْسَلُ
وَإنْ مُدَّتِ الأيْدِي إلى الزَّادِ لَمْ أكُنْ
✽ بَأَعْجَلِهِمْ إذْ أَجْشَعُ القَوْمِ أَعْجَلُ
وَمَا ذَاكَ إلّا بَسْطَةٌ عَنْ تَفَضُّلٍ
✽ عَلَيْهِمْ وَكَانَ الأَفْضَلَ المُتَفَضِّلُ
وَإنّي كَفَانِي فَقْدَ مَنْ لَيْسَ جَازِيًا
✽ بِحُسْنَى ولا في قُرْبِهِ مُتَعَلَّلُ
ثَلاَثَةُ أصْحَابٍ : فُؤَادٌ مُشَيَّعٌ
✽ وأبْيَضُ إصْلِيتٌ وَصَفْرَاءُ عَيْطَلُ
هَتُوفٌ مِنَ المُلْسَِ المُتُونِ تَزِينُها
✽ رَصَائِعُ قد نِيطَتْ إليها وَمِحْمَلُ
إذا زَلََّ عنها السَّهْمُ حَنَّتْ كأنَّها
✽ مُرَزَّأةٌ عَجْلَى تُرنُّ وَتُعْوِلُ
وَأغْدو خَمِيصَ البَطْن لا يَسْتَفِزُّنيِ
✽ إلى الزَادِ حِرْصٌ أو فُؤادٌ مُوَكَّلُ
وَلَسْتُ بِمِهْيَافٍ يُعَشِّي سَوَامَه
✽ مُجَدَّعَةً سُقْبَانُها وَهْيَ بُهَّلُ
ولا جُبَّأٍِ أكْهَى مُرِبٍّ بعِرْسِهِ
✽ يُطَالِعُها في شَأْنِهِ كَيْفَ يَفْعَلُ
وَلاَ خَرِقٍ هَيْقٍ كَأَنَّ فؤادَهُ
✽ يَظَلُّ به المُكَّاءُ يَعْلُو وَيَسْفُلُ
ولا خَالِفٍ دارِيَّةٍ مُتَغَزِّلٍ
✽ يَرُوحُ وَيغْدُو داهنًا يَتَكَحَّلُ
وَلَسْتُ بِعَلٍّ شَرُّهُ دُونَ خَيْرِهِ
✽ ألَفَّ إذا ما رُعْتَهُ اهْتَاجَ أعْزَلُ
وَلَسْتُ بِمِحْيَارِ الظَّلاَمِ إذا انْتَحَتْ
✽ هُدَى الهَوْجَلِ العِسّيفِ يَهْمَاءُ هؤجَلُ
إذا الأمْعَزُ الصَّوّانُ لاقَى مَنَاسِمِي
✽ تَطَايَرَ منه قَادِحٌ وَمُفَلَّلُ
أُديمُ مِطَالَ الجُوعِ حتّى أُمِيتَهُ
✽ وأضْرِبُ عَنْهُ الذِّكْرَ صَفْحًا فأُذْهَلُ
وَأَسْتَفُّ تُرْبَ الأرْضِ كَيْلا يُرَى لَهُ
✽ عَلَيَّ مِنَ الطَّوْلِ امْرُؤٌ مُتَطَوِّلُ
ولولا اجْتِنَابُ الذَأْمِ لم يُلْفَ مَشْرَبٌ
✽ يُعَاشُ به إلاّ لَدَيَّ وَمَأْكَلُ
وَلكِنّ نَفْسًا مُرَّةً لا تُقِيمُ بي
✽ على الذامِ إلاَّ رَيْثَما أَتَحَوَّلُ
وَأَطْوِي على الخَمْصِ الحَوَايا كَما انْطَوَتْ
✽ خُيُوطَةُ مارِيٍّ تُغَارُ وتُفْتَلُ
وأَغْدُو على القُوتِ الزَهِيدِ كما غَدَا
✽ أَزَلُّ تَهَادَاهُ التنَائِفَ أطْحَلُ
غَدَا طَاوِيًا يُعَارِضُ الرِّيحَ هَافِيًا
✽ يَخُوتُ بأَذْنَابِ الشِّعَابِ ويُعْسِلُ
فَلَما لَوَاهُ القُوتُ مِنْ حَيْثُ أَمَّهُ
✽ دَعَا فَأجَابَتْهُ نَظَائِرُ نُحَّلُ
مُهَلَّلَةٌ شِيبُ الوُجُوهِ كأنَّها
✽ قِدَاحٌ بأيدي ياسِرٍ تَتَقَلْقَلُ
أوِ الخَشْرَمُ المَبْعُوثُ حَثْحَثَ دَبْرَهُ
✽ مَحَابِيضُ أرْدَاهُنَّ سَامٍ مُعَسِّلُ
مُهَرَّتَةٌ فُوهٌ كَأَنَّ شُدُوقَها
✽ شُقُوقُ العِصِيِّ كَالِحَاتٌ وَبُسَّلُ
فَضَجَّ وَضَجَّتْ بالبَرَاحِ كأنَّها
✽ وإيّاهُ نُوحٌ فَوْقَ عَلْيَاءَ ثُكَّلُ
وأغْضَى وأغْضَتْ وَاتَّسَى واتَّسَتْ به
✽ مَرَامِيلُ عَزَّاها وعَزَّتْهُ مُرْمِلُ
شَكَا وَشَكَتْ ثُمَّ ارْعَوَى بَعْدُ وَارْعَوَتْ
✽ وَلَلْصَبْرُ إنْ لَمْ يَنْفَعِ الشَّكْوُ أجْمَلُ
وَفَاءَ وَفَاءَتْ بَادِراتٍ وَكُلُّها
✽ على نَكَظٍ مِمَّا يُكَاتِمُ مُجْمِلُ
وَتَشْرَبُ أسْآرِي القَطَا الكُدْرُ بَعْدَما
✽ سَرَتْ قَرَبًا أحْنَاؤها تَتَصَلْصَلُ
هَمَمْتُ وَهَمَّتْ وَابْتَدَرْنَا وأسْدَلَتْ
✽ وشَمَّرَ مِنِّي فَارِطٌ مُتَمَهِّلُ
فَوَلَّيْتُ عَنْها وَهْيَ تَكْبُو لِعُقْرِهِ
✽ يُبَاشِرُهُ منها ذُقُونٌ وَحَوْصَلُ
كأنَّ وَغَاها حَجْرَتَيْهِ وَحَوْلَهُ
✽ أضَامِيمُ مِنْ سَفْرِ القَبَائِلِ نُزَّلُ
تَوَافَيْنَ مِنْ شَتَّى إِلَيْهِ فَضَمَّهَا
✽ كما ضَمَّ أذْوَادَ الأصَارِيمِ مَنْهَلُ
فَغَبَّ غِشَاشًا ثُمَّ مَرَّتْ كأنّها
✽ مَعَ الصُّبْحِ رَكْبٌ مِنْ أُحَاظَةَ مُجْفِلُ
وآلَفُ وَجْهَ الأرْضِ عِنْدَ افْتَراشِها
✽ بأَهْدَأَ تُنْبِيهِ سَنَاسِنُ قُحَّلُ
وَأعْدِلُ مَنْحُوضًا كأنَّ فُصُوصَهُ
✽ كعَابٌ دَحَاهَا لاعِبٌ فَهْيَ مُثَّلُ
فإنْ تَبْتَئِسْ بالشَّنْفَرَى أمُّ قَسْطَلٍ
✽ لَمَا اغْتَبَطَتْ بالشَّنْفَرَى قَبْلُ أطْوَلُ
طَرِيدُ جِنَايَاتٍ تَيَاسَرْنَ لَحْمَهُ
✽ عَقِيرَتُهُ لأِيِّها حُمَّ أَوَّلُ
تَنَامُ إذا مَا نَامَ يَقْظَى عُيُونُها
✽ حِثَاثًا إلى مَكْرُوهِهِ تَتَغَلْغَلُ
وإلْفُ هُمُومٍ ما تَزَالُ تَعُودُهُ
✽ عِيَادًا كَحُمَّى الرِّبْعِ أو هِيَ أثْقَلُ
إذا وَرَدَتْ أصْدَرْتُها ثمّ إنّها
✽ تَثُوبُ فَتَأتي مِنْ تُحَيْتُ ومِنْ عَلُ
فإمّا تَرَيْنِي كابْنَةِ الرَّمْلِ ضَاحِيًا
✽ على رِقَّةٍ أحْفَى ولا أَتَنَعَّلُ
فإنّي لَمَولَى الصَّبْرِ أجتابُ بَزَّهُ
✽ على مِثْلِ قَلْبِ السِّمْعِ والحَزْمَ أفْعَلُ
وأُعْدِمُ أَحْيَانًا وأَغْنَى وإنَّما
✽ يَنَالُ الغِنَى ذو البُعْدَةِ المُتَبَذِّلُ
فلا جَزِعٌ مِنْ خَلَّةٍ مُتَكَشِّفٌ
✽ ولا مَرِحٌ تَحْتَ الغِنَى أتَخَيَّلُ
ولا تَزْدَهِي الأجْهالُ حِلْمِي ولا أُرَى
✽ سَؤُولًاَ بأعْقَاب الأقَاويلِ أُنْمِلُ
وَلَيْلَةِ نَحْسٍ يَصْطَلي القَوْسَ رَبُّها
✽ وَأقْطُعَهُ اللَّاتي بِهَا يَتَنَبَّلُ
دَعَسْتُ على غَطْشٍ وَبَغْشٍ وَصُحْبَتي
✽ سُعَارٌ وإرْزِيزٌ وَوَجْرٌ وَأفَكَلُ
فأيَّمْتُ نِسْوَانًا وأيْتَمْتُ إلْدَةً
✽ وَعُدْتُ كما أبْدَأْتُ واللَّيْلُ ألْيَلُ
وأصْبَحَ عَنّي بالغُمَيْصَاءِ جَالسًا
✽ فَرِيقَانِ: مَسْؤُولٌ وَآخَرُ يَسْألُ
فَقَالُوا: لَقَدْ هَرَّتْ بِلَيْلٍ كِلَابُنَا
✽ فَقُلْنَا: أذِئْبٌ عَسَّ أمْ عَسَّ فُرْعُلُ
فَلَمْ يَكُ إلاَّ نَبْأةٌ ثُمَّ هَوَّمَتْ
✽ فَقُلْنَا: قَطَاةٌ رِيعَ أمْ رِيعَ أجْدَلُ
فَإِنْ يَكُ مِنْ جِنٍّ لأبْرَحُ طارِقًا
✽ وإنْ يَكُ إنْسًا ما كَها الإنسُ تَفْعَلُ
وَيومٍ مِنَ الشِّعْرَى يَذُوبُ لُعَابُهُ
✽ أفاعِيهِ في رَمْضائِهِ تَتَمَلْمَلُ
نَصَبْتُ له وَجْهي ولا كِنَّ دُونَهُ
✽ ولا سِتْرَ إلاَّ الأتْحَمِيُّ المُرَعْبَل
وَضَافٍ إذا طَارَتْ له الرِّيحُ طَيَّرَتْ
✽ لبائِدَ عن أعْطَافِهِ ما تُرَجَّلُ
بَعِيدٌ بِمَسِّ الدُّهْنِ والفَلْيِ عَهْدُهُ
✽ له عَبَسٌ عافٍ مِنَ الغِسْل مُحْوِلُ
وَخَرْقٍ كظَهْرِ التُّرْسِ قَفْرٍ قَطَعْتُهُ
✽ بِعَامِلَتَيْنِ ، ظَهْرُهُ لَيْسَ يُعْمَلُ
فألْحَقْتُ أُوْلاَهُ بأُخْرَاهُ مُوفِيًا
✽ عَلَى قُنَّةٍ أُقْعِي مِرَارًا وَأمْثُلُ
تَرُودُ الأرَاوِي الصُّحْمُ حَوْلي كأنّها
✽ عَذَارَى عَلَيْهِنَّ المُلاَءُ المُذَيَّلُ
ويَرْكُدْنَ بالآصَالِ حَوْلِي كأنّني
✽ مِنَ العُصْمِ أدْفى يَنْتَحي الكِيحَ أعْقَلُ