مِائة المعاني والبيان
لابن الشِّحنة (توفي ٨١٥ هـ)
(تحقيق: إبراهيم الفقيه السريحي)

الْحَمْدُ لِلّهِ وَصَلَّى اللّهُ
عَلَى رَسُولهِ الَّذِي اصْطَفَاهُ
مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَا
وَبَعْدُ قَدْ أَحْبَبْتُ أَنِّي أَنْظِمَا
فِي عِلْمَيِ الْبَيَانِ وَالمَعَانِي
أَرْجُوزَةً لَطِيفَةَ المَعَانِي
أَبْيَاتُهَا عَنْ مِائَة لَمْ تَزِدِ
فَقُلْتُ غَيْرَ آمِنٍ مِنْ حَسَدِ
فَصَاحَةُ المُفْرَدِ فِي سَلاَمَتِهْ
مِنْ نُفْرَةٍ فِيهِ وَمِنْ غَرَابَتِهْ
وَكَونُهُ مُخَالفَ الْقِيَاسِ
ثُمَّ الفَصِيحُ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ
مَا كَانَ مِنْ تَنَافُرٍ سَلِيمَا
وَلَمْ يَكُنْ تَألِيفُهُ سَقِيمَا
وَهوَ منَ التَعْقِيدِ أَيْضاً خالِي
وَإِنْ يَكُنْ مُطَابِقاً لِلْحَالِ
فَهْوَ الْبَلِيغُ وَالَّذِي يُؤَلِّفُهْ
وَبِالْفَصِيح مَنْ يُعَبِّرْ نَصِفُهْ
وَالصِّدْقُ أَنْ يُطَابِقَ الْوَاقِعَ مَا
يَقُولُهُ وَالْكذْبُ إِنْ ذَا يُعْدَمَا
وَعَرَبِيُّ اللَّفْظِ ذُو أَحْوَالِ
يَأْتِي بِهَا مُطَابِقاً لِلْحَالِ
عِرْفانُهَا عِلْمٌ هُوَ المَعَانِي
مُنْحَصِرُ الأَبْوَابِ فِي ثَمَانِ
الْبَابُ الأَوَّلُ: أَحْوَالُ الأِسْنَادِ الْخَبَرِيِّ
إِنْ قَصَدَ المُخْبِرُ نَفْسَ الحُكْمِ
فَسَمِّ ذَا فَائِدَة وَسَمِّ
إِنْ قَصَدَ الأِعْلاَ مَ بِالْعِلْمِ بِهِ
لاَزِمَهَا وَلِلْمَقَامِ انْتَبِهِ
إِنْ ابْتِدَائِيّاً فَلاَ يُؤَكِّدُ
أَوْ طَلَبِيّاً فَهْوَ فِيهِ يُحْمَدُ
وَوَاجِبٌ بِحَسَبِ الأِنكَارِ
وَيَحْسُنُ التَبْدِيلُ بِالأَغْيَارِ
وَالْفِعْلُ أَوْ مَعْنَاهُ إِنْ أَسْنَدَهُ
لِمَا لَهُ فِي ظَاهِرٍ ذَا عنْدَهُ
حَقِيقَةٌ عَقْلِيَّةٌ وَإِنْ إِلَى
غَيْرِ مُلاَبِسٍ مَجَازاً أَوَّلاَ
الْبَابُ الثَّانِي: أَحْوَالُ المُسْنَدِ إِلَيْهِ
الحَذْفُ لِلصَّوْنِ وَلِلإِنكَارِ
وَالإِحْتِرَازِ وَلِلإِخْتِبَارِ
وَالذِّكْرُ لِلتَعْظِيمِ وَالإِهَانَةِ
وَالْبَسْطِ وَالتَّنْبِيهِ وَالْقَرِينَةِ
وَإِنْ بِإِضْمَارٍ تَكُنْ مُعَرِّفَا
فَلِلْمَقَامَاتِ اْلثَّلاَثِ فَاعْرِفا
وَالأَصْلُ فِي الْخِطَابِ لِلْمُعَيَّنِ
وَالتَّرْكُ فِيهِ لِلْعُمُومِ الْبيِّنِ
وَعَلَمِيَّةٌ فَلِلاْحْضَارِ
أَوْ قَصْدِ تَعْظِيِمٍ أَو احْتِقَارِ
وَصِلَةٌ لِلجَهلِ وَالتَّعْظِيمِ
لِلشَّانِ وَالإِيمَاءِ وَالتَّفْخِيمِ
وَبِإِشَارةٍ لِذِي فَهًمٍ بَطِي
فِي الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ أَوِ التَّوَسُّطِ
وَأَلْ لِعَهْدٍ أَوْ حَقِيقَةٍ وَقَدْ
تُفِيدُ الاسْتِغْرَاقَ أَوْ لِمَا انْفَرَدْ
وَبإِضَافَةٍ فَلِلإِخْتِصَارِ
نَعَمْ وَلِلذَّمِّ أَوِ احْتِقَارِ
وَإنْ مُنكَّراً فلِلتَّحقِيرِ
وَالضِّدِّ وَالإِفْرَادِ وَالتكْثِيرِ
وَضِدِّهِ وَالْوَصْفُ لِلتَّبْيِين
وَالمَدْحِ وَالتَّخْصِيصِ وَالتَّعْيِينِ
وَكَوْنُهُ مُؤَكَّداً فَيَحْصُلُ
لِدَفْعِ وَهْمِ كَوْنِهِ لاَ يَشْمُلُ
وَالسَّهْوِ وَالتَّجَوُّزِ المُبَاحِ
ثُمَّ بَيَانُهُ فَلِلإِيضَاحِ
بِاسْمٍ بِهِ يَخْتَصُّ وَالإِبْدَالُ
يَزِيدُ تَقْريراً لِمَا يُقَالُ
والْعَطْفُ تَفْصِيلٌ مَعَ اقْتِرَابِ
أَوْ رَدِّ سَامِعٍ إِلَى الصَّوَابِ
وَالْفَصْلُ للتَّخْصيصِ والتَقدِيمُ
فَلاِهْتِمَامِ يَحْصُلُ التَّقْسِيمُ
كَالأَصْل وَالتَّمْكِينِ وَالتَّعَجُّلِ
وَقَدْ يُفِيدُ الاخْتِصَاصَ إِن وَلِي
نَفْياً وَقَدْ عَلَى خِلاَفِ الظَّاهِرِ
يَأْتِي كَالأُولَى وَالْتِفَاتٍ دَائِر
البابُ الثَّالِثُ: أَحوَالُ المُسْنَدِ
لِمَا مَضَى التَّرْكُ مَعَ القَرِينَهْ
وَالذِّكْرُ قد يُفيِدُنَا تَعْيِينَهْ
وَكَونُهُ فِعْلاً فَلِلتَّقيدِ
بالْوَقتِ مَعْ إِفَادَةِ التَّجَدُّدِ
وَاسْماً فَلاِنْعِدَامِ ذَا وَمُفْرَدَا
لأنَّ نَفْسَ الحُكْمِ فيهِ قُصِدَا
وَالْفِعْلُ بِالْمَفْعُولِ إِنْ تَقَيَّدَا
وَنَحْوِهِ فَلِيُفِيدَ زَائِدَا
وَتَرْكُهُ لِمَانِعٍ مِنهُ وَإِنْ
بِالشَّرْطِ بِاعتِبارِ مَا يَجِيءُ مِنْ
أدَاتهِ وَالجَزْمُ أَصْلٌ فِي إِذَا
لاَ إِنْ وَلَوْ وَلاَ لِذَاكَ مَنْعُ ذَا
وَالْوَصْفُ وَالتَّعْرِيفُ وَالتأْخِيرُ
وَعَكْسُهُ يُعْرَفُ وَالتَّنكِيرُ
الْبَابُ الرَّابِع: أَحْوَالُ مُتَعَلَّقَاتِ الْفِعْلِ
ثُمَّ مَعَ المَفْعُولِ حَالُ الفِعْلِ
كَحَالِهِ مَعْ فَاعِلٍ مِنْ أَجْلِ
تَلَبُّسٍ لاَ كَوْنُ ذَاكَ قَدْ جَرَى
وَإِنْ يُرَدْ إِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ ذُكِرَا
النَّفْيُ مُطلَقاً أَوِ الإِثْبَاتُ لَهْ
فَذَاكَ مِثْلُ لاَزِمٍ فِي المَنْزلَهْ
مِنْ غَيْر تَقْدِيرٍ وَإِلاَّ لَزِمَا
وَالحَذْفُ لِلْبَيَانِ فِيما أُبْهِمَا
أَوْ لِمَجِيءِ الذِّكْرِ أَوْ لِرَدِّ
تَوَهُّمِ السَامِعِ غيْرِ الْقَصْدِ
أَوْ هُوَ لِلتَّعْمِيمِ أَوْ لِلْفَاصِلَهْ
أَوْ هُوَ لاِ سْتِهْجَانِك المُقَابَلَه
وَقَدِّمِ المَفْعُولَ أَوْ شَبِيهَهُ
رَدّاً عَلَى مَنْ لمْ يُصِبْ تَعْيِينَهُ
وَبَعْضُ مَعْمُولٍ عَلَى بَعْضِ كَمَا
إِذَا اهْتِمَامٌ أَوْ لأصْلٍ عُلِمَا
الْبَابُ الخَامِسُ: الْقَصْرُ
القَّصْرُ نَوْعَانِ حَقِيقِيٌ وَذَا
نَوْعَانِ وَالثَّانِي الإضَافِيٌّ كَذَا
فَقَصْرُ الوصف عَلَى المَوْصُوفِ
وَعَكْسُهُ مِنْ نَوْعِهِ المَعْرُوفِ
طَرِيقُهُ النَّفْيُ وَالاِسْتِثْنَا هُمَا
وَالْعَطْفُ وَالتَقْدِيمُ ثُمَّ إِنَّمَا
دِلالَةُ التَّقْدِيمِ بِالفَحْوَى وَمَا
عَداهُ بِالْوَضْعِ وَأَيْضاً مِثْلَ مَا
الْقَصْرُ بَيْنَ خَبَرٍ وَمُبْتَدَا
يَكونُ بَيْن فاعِلٍ وَمَا بَدَا
مِنْهُ فَمَعْلُومٌ وَقَدْ يُنَزَّلُ
مَنْزِلَةَ المَجْهُولِ أَوْ ذَا يُبْدَلُ
الْبَابُ السَّادِسُ: الإنْشَاءُ
يَسْتَدْعِي الإِنْشَاءُ إِذَا كَانَ طَلَبْ
مَا هُوَ غَيْرُ حَاصِلٍ وَالمُنْتَخَبْ
فِيهِ التَّمَنِّي وَلَهُ المَوْضُوعُ
لَيْتَ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْوُقُوعُ
وَلَوْ وَهَلْ مِثْلُ لَعَلَّ الدَّاخِلَهْ
فِيهِ وَالاِسْتِفْهَامُ وَالمَوْضُوعُ لَهْ
هَلْ هَمْزَةٌ مَنْ مَا وَأَيٌّ أَيْنَا
كَم كَيْفَ أَيَّانَ مَتَى وَأَنَّى
فَهَلْ بِهَا يُطْلَبُ تَصْدِيقٌ وَمَا
عَدَا هَمْزة تَصَوُّرٌ وَهْيَ هُمَا
وَقَدْ لِلاستِبْطَاءِ وَالتَّقْرِيرِ
وَغَيْرُ ذَا يَكُونُ وَالتَّحْقِيرِ
وَالأَمْرُ وَهْوَ طَلَبُ اسْتِعْلاَءِ
وَقَدْ لأَنْوَاع يَكُونُ جَائِي
وَالنَّهْيُ وَهْوَ مِثْلُهُ بِلاَ بَدَا
وَالشَّرْطُ بَعْدَ هَا يَجُوزُ وَالنِّدَا
وَقَدْ لِلاخْتِصَاصِ وَالإِغْرَاءِ
تَجِيءُ ثَمَّ مَوْقِعَ الإِنْشاءِ
قَدْ يَقَعُ الْخَبَرُ لِلتَّفَاؤُلِ
وَالْحِرْصُ أَوْ بِعَكْسِ ذا تأَمَّلِ
الْبَّابُ السَّابِعُ: الْفَصْلُ وَالْوَصُلُ
إِنْ نُزِّلَتْ تَالِيَةٌ مِنْ ثَانِيَهْ
كَنَفْسِهَا أَوْ نُزِّلَتْ كَالْعَارِيَهْ
فافْصِل وَإِنْ تَوَسُّطٌ فالْوَصْلُ
بِجَامِعٍ أَرْجَحُ ثُمَّ الْفَصْلُ
للْحَالٍ حيث أَصلُهَا قَدْ سَلِمَا
أَصْلٌ وَإِنْ مُرَجِّحٌ تَحَتَّما
الْبَابُ الثَّامِنُ: الإِيجَازُ وَالإِطْنَابُ
تَوْفِيَةُ المقصود بِالنَّاقِصِ مِنْ
لَفْظٍ لَهُ الإِيجَازُ وَالإِطْنَابُ إِنْ
بِزَائِدٍ عَنْهُ وَضَرْبُ الأَوَّلِ
قَصْرٌ وَحَذْفُ جُمْلَة أَوْ جُمَلِ
أَوْ جُزْءِ جُمْلَةٍ وَمَا يَدُلُّ
عَلَيْهِ أَنْوَاعٌ وَمِنْهَا الْعَقْلُ
وَجَاءَ لِلتَوشِيعِ بِالتَّفْصِيلِ
ثَانٍ وَالاعْتِرَاضُ وَالتَذْيِيلِ
عِلْمُ البيانِ
عِلْمُ الْبَيِّانِ مَا بِهِ قد يُعَرَّفُ
إيرَادُ مَا طُرُقُه تَخْتَلفُ
فِي كَوْنِهَا وَاضِحَةَ الدِّلالَهْ
فِما بِهِ لاَزِمُ مَا موُضوع لَهْ
إِمَّا مَجَازٌ مِنْهُ وَاستِعَارَةُ
تُنْبِي عَنِ التَّشْبِيهِ أَوْ كِنَايَةُ
وَطَرَفَا التَّشْبِيهِ حسِّيَّانِ
وَلِّوْ خَيَالِيّاً وَعَقْلِيَّانِ
وَمِنْهُ بِالْوَهْمِ وَبِالْوُجْدَانِ
أَوْ فيهِمَا يَخْتَلِفُ الجُزْآنِ
وَوَجْهُهُ مَا اشْتَرَكَا فِيهِ وَجَا
ذَا فِي حَقِيقتيهِمَا وَخَارِجَا
وَصْفاً فَحِسِّيٌّ وَعَقْلِيٌّ وَذَا
وَاحِداً أوْ فْي حُكْمِهِ أَوْ لاَ كَذَا
وَالْكَافُ أَوْ كَأَنَّ أَوْ كَمِثْلِ
أدَاتُهُ وَقَدْ بِذِكْرِ فِعْلِ
وَغَرَضٌ مِنْهُ عَلَى المُشَبَّهِ
يَعُودُ أَوْ عَلَى مُشَبَّهٍ بِهِ
فَبِاعْتِبَارِ كُلِّ رُكْنٍ أَقْسِما
أَنْوَاعَهُ ثُمَّ المَجَازُ فَافْهَمَا
مُفْرَدٌ مُرَكَّبٌ وَتَارَهْ
يَكُونُ مُرْسَلاً اوِ استِعَارَهْ
يُجْعَلُ ذَا ذَاكَ ادِّعَاءً أَوِّلَهْ
وَهْيَ إِنِ اسْمُ جِنْسٍ اسْتُعيرَ لَهْ
أَصْلِيَّةٌ أَوْ لاَ فَتَابعِيَّهْ
وَإِنْ تَكُنْ ضِدّاً تَهَكُّمِيَّهْ
وَمَا بِهِ لاَزِمُ مَعْنًى وَهْوَ لاَ
مُمتَنِعاً كِنَايَةٌ فَاقْسِمْ إِلَىْ
إِرَادَة النِّسْبَةِ أَوْ نَفْسِ الصِّفَهْ
أَوْ غيْرِ هذَيْنَ اجْتَهِدْ أَنْ تَعْرِفَهْ
عِلْمُ الْبَدِيعِ
عِلْمُ البَدِيعِ وَهْوَ تَحْسِيْنُ الكَلاَمْ
بَعْدَ رِعَايَةِ الْوُضُوحِ وَالمَقَامْ
ضَرْبَانِ لَفْظيٌّ كَتَجْنيسٍ وَرَدْ
وَسَجَعٍ أَوْ قَلْبٍ وَتَشْرِيعٍ وَرَدْ
وَالمَعْنَوِيُّ وَهْوَ كالتَّسْهِيمِ
وَالجَمعِ وَالتَّفْرِيقِ وَالتَّقْسِيمِ
وَالْقَوْلِ بِالْمُوجَبِ وَالتَّجْرِيدِ
وَالْجدِّ وَالطِّبَاقِ وَالتَّأْكِيدِ
وَالْعَكْسِ وَالرُّجُوعِ وَالإِيهَامِ
وَاللَّفِّ وَالنَشْرِ وَالاِسْتِخْدَامِ
وَالسَّوْقِ وَالتَّوْجِيهِ وَالتَّوْفِيقِ
وَالبَحْثِ وَالتَّعْلِيلِ وَالتَّعْليقِ
الخَاتِمَةُ: فِي السَّرِقات الشِّعْرِيَّةِ
السَّرِقاتُ ظَاهِرٌ فالنَّسْخُ
يُذَمُّ لاَ إِنِ اسْتُطِيعَ المَسْخُ
وَالسَّلْخُ مِثْلُهُ وَغَيْرُ ظِّاهِرِ
كَوَضْعِ مَعْنًى فِي مَحَلِّ آخَرِ
أَوْ يَتَشَابَهَانِ أَوْ ذَا أَشْمَلُ
وَمِنْهُ قَلْبٌ وَاقْتِبِّاسٌ يُنْقَلْ
وَمِنْهُ تَضْمِيْنٌ وَتَّلْمِيحٌ وَحَلّ
وَمِنْهُ عَقْدٌ وَالتَّأَنُّقُ أنْ تَسَل
بَرَاعَةُ اسْتِهْلاَلِ وَانْتِقَالِ
حُسْنُ الْخِتَام مُنْتَهَي المَقَالِ