«اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم» من تأليف شيخ الإسلام ابن تيمية (توفي ٧٢٨ هـ). وكتابه هذا بيّن فيه ضوابط تمييز الحق وأهله عن الباطل وأهله، وبيان سبيل الهدى والسنة، والدعوة إليه، وكشف سبل الضلالة والبدعة، والتحذير منها.
قال المؤلف: «إني كنت قد نهيت - إما مبتدئًا أو مجيبًا - عن التشبّه بالكفار في أعيادهم، وأخبرت ببعض ما في ذلك، من الأثر القديم، والدلالة الشرعية، وبيَّنت بعض حِكمة الشرع في مجانبة الكفار، من الكتابيين والأُمّيّين، وما جاءت به الشريعة من مخالفة أهل الكتاب والأعاجم.
وإن كانت هذه قاعدة عظيمة من قواعد الشريعة، كثيرة الشّعَب، واصطلاحًا جامعًا من أصولها كثير الفروع، لكنّي نبهت على ذلك بما يسر الله تعالى وكتبت جواباً في ذلك لم يحضرني الساعة، وحصل بسبب ذلك من الخير ما قدّره الله سبحانه.
ثم بلغني بأَخَرة أن مِن الناس من استغرب ذلك واستبعده لمخالفة عادة قد نشؤوا عليها، وتمسّكوا في ذلك بعمومات وإطلاقات اعتمدوا عليها، فاقتضاني بعض الأصحاب أن أعلق في ذلك ما يكون فيه إشارة إلى أصل هذه المسألة لكثرة فائدتها، وعموم المنفعة بها، ولما قد عمَّ كثيرًا من الناس من الابتلاء بذلك، حتى صاروا في نوع جاهلية، فكتبت ما حضرني الساعة، مع أنه لو استُوفي ما في ذلك من الدلائل وكلام العلماء واستُقريت الآثار في ذلك، لوُجد فيه أكثر مما كتبته».
طبعة دار إشبيليا • ج٢ • طبعة مكتبة الرشد