(نهاية المطلب في دراية المذهب) من تأليف الجويني (توفي ٤٧٨ هـ).
قال المؤلف:
«أحمد الله عزت قدرتُه حقَّ حمده، وأصلي على محمّد نبيّهِ، وخاتم رسله، وعبدِه، وأبتهل إليه في تيسير ما هممتُ بافتتاحه من مذهبٍ مُهذَّبٍ، للإمام المُطَّلِبي الشافعي رضي الله عنه، يحوي تقريرَ القواعد وتحرير الضوابط والمعاقد، في تعليل الأصول، وتبيين مآخذ الفروع، وترتيب المفصَّل منها والمجموع، ومشتملٍ على حل المشكلات، وإبانة المعضلات، والتنبيه على المَعاصات والمُعْوِصات، ويُغني عن الارتباك في المتاهات، والاشتباك في العمايات.
ولستُ أُطنب في وصفه، وسيتبين شرفَه من يوفّق لمطالعته ومراجعته، وهو على التحقيق نتيجةُ عمري، وثمرةُ فكري في دهري. لا أغادر فيه بعون الله أصلاً ولا فرعاً إلاّ أتيت عليه، مُنتحياً سبيلَ الكشف، مؤثراً أقرب العبارات في البيان، والله المستعان وعليه التُّكلان.
وسأجري على أبواب «المختصر» ومسائلها جهدي، ولا أعتني بالكلام على ألفاظ السواد، فقد تناهى في إيضاحها الأئمةُ الماضون، ولكنّي أنسبُ النصوصَ التي نقلها المزني إليه، وأتعرض لشرح ما يتعلق بالفقه منها، إن شاء الله تعالى.
وما اشتهر فيه خلافُ الأصحاب ذكرتُه، وما ذُكر فيه وجهٌ غريبٌ منقاسٌ، ذكرت ندورَه وانقياسَه، وإن انضم إلى ندوره ضعفُ القياس، نبهتُ عليه، بأن أذكر الصوابَ، قائلاً: «المذهب كذا»، فإن لم يكن له وجهٌ، قلتُ بعد ذكر الصواب: وما سوى هذا غلط.
وإن ذكر أئمةُ الخلاف وجهاً مرتبكاًً أنبه عليه بأن أقول: اتفق أئمةُ المذهب على كذا، فتجري وجوهٌ من الاختصار، مع احتواء المذهب على المشهور والنادر.
وإن جرت مسألةٌ لم يبلغني فيها مذهبُ الأئمة خرّجتُها على القواعد، وذكرت مسالك الاحتمال فيها، على مبلغ فهمي.
وتعويلي في متصرفات أموري على فضل الله تعالى. وقد استقرّ رأيي على تلقيبه بما يُشعر بمضمونه، فليشتهر بـ(نهاية المطلب في دراية المذهب)».