من تأليف ابن هشام الأنصاري (توفي ٧٦١ هـ ).
قال المؤلف: «إِن أولى مَا تقترحه القرائح وَأَعْلَى مَا تجنح إِلَى تَحْصِيله الجوانح مَا يَتَيَسَّر بِهِ فهم كتاب الله الْمنزل ويتضح بِهِ معنى حَدِيث نبيه الْمُرْسل فَإِنَّهُمَا الْوَسِيلَة إِلَى السَّعَادَة الأبدية والذريعة إِلَى تَحْصِيل الْمصَالح الدِّينِيَّة والدنيوية، وأصل ذَلِك علم الْإِعْرَاب الْهَادِي إِلَى صوب الصَّوَاب.
وَقد كنت فِي عَام تِسْعَة وَأَرْبَعين وسبعمئة أنشأت بِمَكَّة زَادهَا الله شرفا كتابا فِي ذَلِك منورا من أرجاء قَوَاعِده كل حالك ثمَّ إِنَّنِي أصبت بِهِ وَبِغَيْرِهِ فِي منصرفي إِلَى مصر وَلما من الله تَعَالَى عَليّ فِي عَام سِتَّة وَخمسين بمعاودة حرم الله والمجاورة فِي خير بِلَاد الله شمرت عَن ساعد الِاجْتِهَاد ثَانِيًا واستأنفت الْعَمَل لَا كسلا وَلَا متوانيا وَوضعت هَذَا التصنيف على أحسن إحكام وترصيف وتتبعت فِيهِ مقفلات مسَائِل الْإِعْرَاب فافتتحتها ومعضلات يستشكلها الطلاب فأوضحتها ونقحتها وأغلاطا وَقعت لجَماعَة من المعربين وَغَيرهم فنبهت عَلَيْهَا وأصلحتها.
فدونك كتابا تشد الرّحال فِيمَا دونه وتقف عِنْده فحول الرِّجَال وَلَا يعدونه إِذْ كَانَ الْوَضع فِي هَذَا الْغَرَض لم تسمح قريحة بمثاله وَلم ينسج ناسج على منواله وَمِمَّا حثني على وَضعه أنني لما أنشأت فِي مَعْنَاهُ الْمُقدمَة الصُّغْرَى الْمُسَمَّاة ب الْإِعْرَاب عَن قَوَاعِد الْإِعْرَاب حسن وقعها عِنْد أولي الْأَلْبَاب وَسَار نَفعهَا فِي جمَاعَة الطلاب مَعَ أَن الَّذِي أودعته فِيهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا ادخرته عَنْهَا كشذرة من عقد نحر بل كقطرة من قطرات بَحر وَهَا أَنا بائح بِمَا أسررته مُفِيد لما قَرّرته وحررته مقرب فَوَائده للأفهام وَاضع فرائده على طرف الثمام لينالها الطلاب بِأَدْنَى إِلْمَام».
طبعة دار الفكر • تحقيق الشاعر بهامشه مختصر شرح شواهده